من الضروري في هذا العقد من القرن الواحد والعشرين وتحديداً في هذه الفترة التي نعيشها المتغيرة والمتطورة بسرعة، التركيز على الاتجاهات والاستراتيجيات التي تتخذها الدول المهتمة بالطاقة وبالحد من انبعاث الغازات الضارة والكربون، ضمن ما يثار عالمياً لمواجهة الاحتباس الحراري وتغير المناخ وتبعاته السلبية الكارثية على بيئة الأرض وعلى الكائنات الحية كما يروج له، في إيجاد البدائل المتجددة للطاقة الحاضرة على وجه الأرض، واستغلالها الاستغلال الأمثل الذي يضمن الحياة الصحية السليمة والمريحة للإنسان، في توجه مطلوب من المعنيين بالطاقة لمحاكاة ومواكبة ما تتبناه تلك الدول بتعمق في تنفيذ مفاهيم وبرامج الاستدامة المعنية بها الطاقة، من حيث الكفاءة في مفهومها الأعم الذي يتخطى ويشمل التوعية والترشيد والاستهلاك المبرمج، والذي ينضوي تحت سلسلة من التطبيقات التقنية والبرامج العملية التنظيمية والابتكارات المتعددة والتطوير البحثي العلمي المستمر لتلك السلسلة، إثباتاً لكفاءتها ومتانتها واعتماديتها وتكلفتها.
فما تقوم به المراكز البحثية العالمية والشركات الكبرى المتخصصة في الطاقة، في تطلعهم وعملهم الدائم الواقعي للوصول إلى منتجات طاقة ذكية متطورة شبكية كانت أم أجهزة، سيساعد بشكل مباشر في استقرار وديمومة المنظومة الحياتية بكل قطاعاتها الصناعية والحكومية والاجتماعية وحتى الفردية، والتي من خلالها ستحظى الدول المستثمرة والمتبنية لتلك التطبيقات بنظام عالي الرقابة والدقة والتطبيق والالتزام، الذي يتحكم في الاستهلاك ويقلل تباعا من الهدر، مع ما ستتحصل عليه الشركات المصنعة لمنتجات الطاقة من فوائد كبيرة، تتلخص في فرص تنافسية استثمارية وتنفيذية لمشاريع تنموية، ستساعدها على البقاء والاستمرار، وتهيئ لها الأرضية المناسبة لاستحواذ ودمج الشركات الصغيرة معها من أجل التكامل التقني والمعرفي، لكي تتمركز في مواقع السبق في عولمية الهيمنة والتربع على عرش مشاريع كفاءة الطاقة في العالم مستقبلا، وهو ما يتضح استشرافا عند بعض الشركات العالمية المصنعة لمنتجات الطاقة والمستثمرة فيها مثل ABB السويدية - السويسرية الاندماج، وشركات البرمجة المنظمة لاستهلاك ومراقبة أعمال وإدارة برمجيات الطاقة مثل SAP الألمانية المنبع.
من هذا الوضع المتشابك في خطوطه؛ علينا أن نتساءل عن الاستدامة في كفاءة الطاقة وإلى أين تتجه في مجتمعنا، ونبحث عن ماهية وعمل مركز كفاءة الطاقة في المملكة العربية السعودية، الذي تم تحويله مؤخرا في نهاية العام المنصرم 2010 من البرنامج الوطني (المؤقت) لإدارة وترشيد الطاقة القائم مسبقا في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وعن قدرته في تنفيذ الأجندة والإستراتيجية المستقبلية للطاقة في المملكة، فإنني لا أتوقع تمكنه لوحده واحتوائه للأمر تماما في تحقيق ما يؤمل منه من خلال قراءتي للأحداث والاتجاهات العالمية المتسارعة في تطبيقات كفاءة الطاقة، بعد أن كان عائما لا يُعرف عنه شيئا إبان وضعيته الأولى المؤقتة تحت مسمى البرنامج الوطني، في عدم وضوح الرؤية للخطط والبرامج والأهداف المرسومة لديه، والتي يجب أن يُظهرها ويضعها أمامنا جميعا في المجتمع وعلى وجه السرعة، لنشاركه إعداد أنفسنا نحو الواقع التنفيذي القادم إلينا ومواكبة المتغيرات والمتطلبات، لأنها لن ترحمنا إن نحن تباطأنا واتكلنا على غيرنا كما هو ديدننا، حتى لا نفاجأ لاحقا بتغيير اسمه مرة أخرى مثلا ( بهيئة عليا للاستدامة) قبل فهم حقيقة ماهيته ومتطلباته كما أشرت واقترحت في مقال سابق، لان كفاءة الطاقة ومتطلباتها العولمية المتوقعة، لا محال ستفرض واقعا رقابيا وتطبيقيا قريبا على الجميع، بل من الأجدى لهذا المركز أن يأخذ منحى آخر أكثر شمولاً ومشاركة واتساعاً مع كافة القطاعات وخبراء الطاقة والتطوير في الدولة وفي خارجها ممن سيدعمون الأهداف والرؤى بتجارب علمية مطبقة، كي تستنطق الجمود وتحرك المياه الراكدة التي اعتدنا البكاء على تعكرها، لنؤسس لمرحلة قادمة وقريبة يتم فيها تكوين اتحاد أو جمعية علمية أو هيئة عليا للاستدامة في المملكة، كما هو معمول به في تلك الدول المتقدمة التي قطعت أشواطاً في عملية بناء الثقة والقدرة على التغيير والابتكار، وصناعة اقتصاد معرفي لها ولمجتمعها، والنهوض بمؤسساتها الاقتصادية والعلمية البحثية في مجال الطاقة ودعمها ماديا بسخاء ومعنويا استراتيجيا وخططيا نحو النفوذ والاندماج مع الواقع المتغير في الكون، من أجل مواكبة التنافس الشرس ومواجهة التحديات للوصول إلى الأهداف المرسومة والمتبناة، والتي تتبلور من خلالها النتائج الإبداعية في زمن قصير، من حيث لا تمر فترة تلو الأخرى على المتتبع للأحداث إلا ويرى نماذج متجددة ومبهرة من المنتجات والبرامج المحفزة لإنتاج وتطوير معدات وشبكات التحكم ومراقبة كفاءة الطاقة بدقة واستمرار.
فهذا يعني أننا لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن ما يدور من حولنا في هذا العالم الصغير الشبيه بالقرية، لأننا لن نستطيع مع هذا الوضع المهزوز والمتشتت مع الوقت، وضع اللبنات الأساسية للحياة العملية الإبداعية، والتي ستنطلق بها أجيالنا القادمة الناظرة والمعتمدة على تركة الجيل الحاضر المعاصر، في ظل ما يعانيه من انزواء وانطواء وإحباط نفسي مع المشاكل المتأزمة بين جنباته، التي تؤرق حياته المعيشية من بطالة وغلاء وتسلط وفساد وإهمال وسوء فهم ممن يُعدون بالقياديين التنفيذيين وصناع القرار لإدارة مؤسساتنا ومواردنا البشرية خصوصا والاقتصادية المترتبة عنها عموما-
نقلا عن الندوة
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
- فوز باسم خندقجي بالبوكر هو انتصار لصوت الأحرار وللرواية الفلسطينية
- السعودية تستضيف النسخة الـ28 لمؤتمر الاستثمار العالمي في نوفمبر القادم
إلى أين تتجه كفاءة الطاقة في مجتمعنا..؟
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/51772.html