عصر المعلومات الجديد مبني على المعلومات الصحيحة والصادقة والشاملة والحية والحديثة التي تساير الأحداث المحلية والعالمية والسياسات الإستراتيجية الواضحة في إطار السياسة العامة لأي دولة، وبالتالي عندما تتأخر أي مؤسسة حكومية عن تقديم تقاريرها ومعلوماتها بشكل غير فني وغير دقيق أو على شكل طابع دعائي وإعلامي كما يحصل في بعض الدول العربية، فان ذلك يعني المساهمة في إعاقة حركة صناع القرار باتخاذ القرار المناسب والسليم لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة لمستقبل البلاد.
إن الأزمات الاقتصادية العالمية والداخلية كشفت ضعف القرار في دول العالم النامي، وذلك بسبب غياب المعلومة الصحيحة والمصداقية والشفافية في التقارير التي تقدم لصناع القرار من قبل المؤسسات الحكومية في دولهم وخاصة التقارير المالية والنقدية وما يتعلق بها من البعد الاقتصادي للمواطنين، حيث أن صناع القرار يعتمدون دائما في اتخاذ قراراتهم على هذه التقارير والمعلومات الوردة والتي تقدم لهم ويتم البت فيها دون مراجعتها أحياناً وتكون سببا رئيسا في اتخاذ قرارات خاطئة، لأنها لم تقدم بالشكل الصحيح والدقيق أو أنها قدمت في غير وقتها أو أن تواريخها قديمة مما تسبب في عدم ملامستها للشفافية واحتياجات الناس كما حدث مؤخرا في تونس، حيث ظهر الرئيس آخر من يعلم عن أوضاع مواطنيه.
لذا يفترض من صناع القرار في الحكومات النامية عدم استقبال هذه التقارير القديمة وغير المهنية والتي لا تعترف بأهمية المعلومة الصحيحة أو هي تقارير في الغالب دعائية وإعلامية وتكون عادة متأخرة أو قد يغير تاريخها من قبل مقدميها ليحضوا باحترام صناع القرار، ولهذا السبب لا بد من السعي إلى إيجاد مراكز (لدعم القرار) بحيث تكون مشكلة من الخبراء والمستشارين والمتخصصين الأكفاء الأمناء وقريبين من صناع القرار يعملون على عرض ومراجعة جميع التقارير الواردة والمقدمة، عبر النظر بالمعلومات وفرزها والوقوف على مضمونها وعدم استقبالها في حال إغفالها لبعض القضايا أو تجاوزها عنها قبل تقديمها لصناع القرار.
ونظرا لتشعب اجتماعات صناع القرار فان وجود هذه المراكز المتقدمة لمعاينة مجمل الآراء والتقارير العالمية والداخلية من ناحية فنية وموضوعية، سوف تساعد في الحصول على المعلومات الصحيحة والصادقة ومتابعتها وإجراء استطلاعات الرأي المتخصصة حولها على مدار الوقت واقتراح الحلول المناسبة لها ضمن رؤية إستراتيجية، بحيث يكون مهمة هذه المراكز استقراء حاجات المواطنين والمجتمع والتي تأتي على شكل مطالب ورؤى يمكن أن تساعد صناع القرار في إيجاد الحلول المناسبة لها وتضمينها ضمن سياسة التخطيط الاقتصادي والاستراتيجي للبلاد، وهذا بالطبع سيسهم في وضع حلول كثيرة لقضايا مهمة مثل السياسة النقدية والمالية وأسباب تدهور العملة وارتفاع الأسعار والتضخم وتأثيرها على الدخل وكسر حاجز البطالة، والوقوف على المحتاجين من ذوي الدخل المحدود والفقراء وتلمس حاجاتهم ومساعدتهم وأسرهم على العيش الكريم في أوطانهم.
نقلا عن الرياض