الوسيم الذي درس الهندسة وحصل على الماجستير في الاقتصاد من النمسا، استطاع بصمته الطويل وهدوئه، تكوين صورة مختلفة عن صورة والده. وساعد حرصه على حقوق الإنسان في بلده، واهتمامه بالفن التشكيلي، وحديثه عن التحول من «ليبيا الثورة» إلى «ليبيا الدولة»، وانتقاده النظام السياسي الليبي، في خلق انطباع مختلف تماماً عن الصورة التي تكوّنت عن القذافي الأب، فضلاً عن ان حياته الشخصية كانت هادئة، وتجنّب الصخب الذي ميّز حياة شقيقه هنيبعل.
سيف الإسلام ظهر على شاشة التلفزيون ليل أول من أمس، فعقص المواطن الليبي رجليه، وتربع باهتمام بالغ لسماع بيان ابن الزعيم، وإذا به يصاب بخيبة مفجعة، تذكَّر موقف الإمام أبي حنيفة مع الشيخ الوقور الذي سأل الإمام متى يفطر الصائم، فرد عليه بقوله الشهير: «آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه». فسيف الإسلام تحدث بلغة فجّة ومتعالية، وإن شئت وقحة، تفتقد الحد الأدنى من التهذيب والسياسة. وصف الشعب الليبي بأنه مجموعة من الخونة المجرمين والحشاشين، وهدد الليبيين بالفقر وتقسيم بلادهم، وبالحرب الأهلية والموت، وشهر في وجههم السلاح حتى آخر رصاصة. كان فظاً غليظاً، وعلى نحو يعد سابقة، حتى ترحم الليبيون والعرب على زعيم «الكتاب الأخضر». خطاب سيف الإسلام القذافي كشف طبيعة النظام، وخواءه وبدائية تفكيره، وحماقة خطابه. فهو خلط الأوضاع، وتحدث عن تقسيم واحتلال، وجمع الإسلاميين مع الحشاشين، هو قال في شكل واضح إما ان نبقى في الحكم وإما أن نبيد البشر ونحرق البلد. سيف الإسلام القذافي رسم نهاية نظام والده، وهو تحدث باكراً عن تغيير صورة ليبيا وعلمها وسلامها الوطني.
الأكيد أن العقيد معمر القذافي بدّد ثروة ليبيا وقمع شعبها، وحكم بلداً من أغنى الدول العربية، فأورث الليبيين الفقر، وشرّدهم في بقاع الأرض. لكنه رغم كل هذا نجح، وبامتياز، في إنجاب ولد فاقه في البطش والحماقة وضيق الأفق. كان سيف الإسلام نسخة مفزعة عن والده، وهو بخطابه أطلق الرصاصة الأخيرة على نظام حان وقت زواله.
نقلا عن الحياة