:
غياب مصر أوالسعودية أو كلاهما عن المشهد السياسي فى منطقة الشرق الأوسط ، يعنى ان ركيزة الاستقرار والتوزان فى المنطقة قد أصابها الخلل ، صحيح أن الادوار التى تلعبها كلا البلدين تبادلية ، ومهما اختلفت الرؤى حول القضايا الاقيليمة أو الدولية فإنها فى النهاية تصب فى مصلحة المنطقة والوطن العربى .
مصر ــ ومنذ فترة ــ مشغولة بالتغيرات فيها لدرجة أبعدتها إلى حد كبير عن التأثير في الساحة الاقليمية والدولية ، وبات الجهد المصرى مكثف من اجل الداخل فحسب ، ولعل هذا قد أفقدها خلال الشهور الماضية كثير من تأثيرها وقوتها الناعمة ،بعد ان كانت من دول الصدارة ، هذا التقلص المصرى لم يكن عبر الامتداد الجغرافي وإنما عبر الامتداد السياسى والدبلوماسى ، ، واعتقد الأمريكان أن مشروعهم "مشروع الشرق الأوسط الجديد" قد بات فى طريقه إلى التنفيذ على أرض الواقع ، لكن مصر و إن شغلتها أحداثها الداخلية فإنها تبقى نموذج للريادة فى منطقتنا ، شأنها شأن الشقيقة "السعودية".
إن التعاون المصرى – السعودى ضارب فى أعماق التاريخ ، لكن ربما قد أصابه بعض الوهن فى فترات معينة ، وهذا لا يعنى إنقطاع العلاقات أو تأثرها ، لأن الشعبيين يكنان لبعضهما كل مشاعر الحب والود ، لذا فإنه من الضرورى أن يتم عكس هذا الود الشعبى والتقارب السياسى إلى علاقات إقتصادية قوية ترتقى بالبلدين وتصب فى مصلحة الجميع ، بحث لكافة القضايا والتنسيق الدائم والمستمر مع العمل على تقريب وجهات النظر إذا ما حدث إختلاف ، إطلاق مشروعات إقتصادية قومية كبرى تعمق التبادل الاقتصادى وتحل بعضاً من مشاكلات البلدين ، وفى نفس الوقت تمثل سبيلاً للانعتاق من قيود الدول الغربية.
إن هذا التعاون لن يكون مساراً للعودة الى الريادة فحسب ، بل سلاحاً لمواجهة أطماع الخارج ، و نواة لتحالف عربى أكبر وأقوى من الجامعة العربى ، تحالف على غرار "الاتحاد الاوربى" يجعل من العرب قوة فعالة ومؤثرة ، لعلنا نعيد أمجاد الماضى .
كاتب مصري