الاهتمام الكبير الذي حظيت به مشاريع الإسكان نتجت عنه مجموعة من الإجراءات والخطوات التي يؤمل المواطن أن تحقق له الاستقرار والرفاه، وذلك بتوفير فرص تملك السكن الذي يعتبر من أهم العناصر لتحقيق الاستقرار للمواطن، حيث إن الفترة الماضية شهدت ارتفاعا في أسعار المساكن بصورة لا تمكن المواطن من تملّك مسكن بصورة ميسرة.
لا شك أن هناك خطوات حكومية كبيرة ومتنوعة في معالجة مشكلة الإسكان لدى المجتمع، وركزت في هذه الفترة على جانب واحد بشكل أكبر وهو التمويل الذي يعتبر الخطوة الأسرع، وإن لم تكن بالأمر اليسير، حيث تم تطوير مجموعة من الأنظمة والتشريعات والإجراءات من أجل أن تمكن المواطن من الحصول على مسكن، ومن ذلك أخيرا صدور نظام التمويل العقاري ولوائحه التنفيذية الذي تم إقراره أخيرا ليحفز البنوك والمؤسسات التمويلية لتقديم التمويل بغرض الحصول على مسكن أو عقار بصورة عامة، وبرنامج تمليك المواطن الأرض ومن ثم تقديم القرض له ليتمكن من البناء، إضافة إلى دعم زيادة التمويل من خلال برنامج التمويل المشترك بين البنوك وقرض صندوق التنمية العقاري، إضافة إلى برامج الإسكان الأخرى خصوصا الخيرية منها.
هذه البرامج لا شك أنها تسهم في حل جزء من مشكلة الإسكان التي أصبحت أولوية في خطط المملكة التنموية، ولكن يبقى أن هناك مساحة لتقديم حلول إضافية بغرض التمويل، إضافة إلى وجود أنظمة وتشريعات تساعد على تمكين المواطن من الحصول على أرض بسعر مناسب أو من خلال المنح، إضافة إلى البرامج التي تساعد على تقليل تكلفة البناء وهذه مهمة لمساعدة المواطن على التملك.
فيما يتعلق بالتمويل ما زالت هناك فرص لمساهمة القطاع الخاص ببرامج تمويلية لا تخدم تمويل المواطن فقط، بل من الممكن أن تدعم مشاريع الإسكان بصورة عامة، فمن ذلك الصكوك التي يمكن أن تنشأ عن استثمارات في القطاع العقاري ويوجد بعض الشركات الذي استفاد منها، ولكن تبقى إصدارات محدودة، وذلك من خلال هيكلة لهذه الصكوك لتمويل بناء مشاريع للإسكان بصورة خاصة، ومن ثم بيعها للمواطنين من خلال التمويل ويستفيد هذا الاستثمار من خلال تمويل المطور العقاري وتمويل الأفراد أيضا، وهذه الآلية تخدم مشاريع التطوير العقاري بصورة كبيرة وتدعم استدامة مثل هذه الأنواع من التمويل، فالبرامج الحكومية ومن خلال دراسة مرجعية لتجارب مجموعة من الدول المتقدمة لا تكفي في معالجة تمويل الإسكان، والقطاع الخاص أكثر وأسرع استجابة لحاجة السوق، خصوصا أن البرامج الحكومية تستهدف كأولوية فئة من المجتمع لظروف معينة تجد أنها الأكثر حاجة للمسكن، وبعد ذلك يتم ترتيب البقية بحسب الاحتياج، في حين أن هناك أفرادا لديهم إمكانية للحصول على تمويل ولا يتمكنون من الحصول عليه عاجلا بسبب أنهم أقل ترتيبا في الأولوية، وهؤلاء يجدون لهم فرصة للحصول على التمويل من خلال القطاع الخاص، ووجود برامج محدودة من القطاع الخاص تؤدي هذا الدور قد لا يكفي لمعالجة مسألة التمويل، كما أن برامج التمويل إذا كانت تستهدف الأفراد فإن ذلك سيقلل من فرص ضخ مزيد من الاستثمارات في مشاريع التطوير العقاري للمساكن، فيزيد الطلب على حساب العرض، ولذلك من المهم التنوع في فرص التمويل والصكوك يمكن أن يكون أحد الخيارات.
من الخيارات أيضا الصناديق الاستثمارية التي يمكن أن تنشأ من خلال البنوك وغيرها من المؤسسات الاستثمارية، وهذا النوع من الصناديق موجود ويقدم بعض برامج إنشاء وتطوير وحدات عقارية، ولكن نشاط هذه الصناديق محدود وبعضها لا يستهدف تمويل مشاريع الإسكان، بل أنواعا متعددة من الاستثمارات العقارية.
الحقيقة أن التنوع في التمويل والحلول لهما آثار إيجابية تعزز من كفاءة مشاريع التطوير العقاري خصوصا التطوير لمشاريع إسكانية متكاملة، وقد يخفض التكلفة ويزيد من تنافس هذه المشاريع التي تعود بالنفع على المواطن من خلال تعزيز تنوع فرص الحصول على مسكن. إضافة إلى أن دخول القطاع الخاص طرفا في معالجة ازدياد الحاجة للسكن قد يحقق استدامة لمعالجة مشكلة الإسكان وتكون داعما خصوصا في الفترات التي يمكن أن تقل فيها فرص الدعم الحكومي لأي سبب كان، إضافة إلى أن معدل النمو السكاني الكبير قد يمثل تحديا كبيرا للبرامج الحكومية للإسكان.
الخلاصة أن هناك حاجة لدخول القطاع الخاص طرفا في معالجة الإسكان؛ وذلك من خلال تعزيز تنوع برامج القطاع الخاص، حيث لا تقتصر على التمويل الذي تقدمه البنوك للأفراد، بل يمكن أن تكون هناك برامج توفر فرص التمويل لشركات التطوير العقاري؛ وذلك من خلال زيادة الاستثمارات في الصناديق الاستثمارية العقارية والصكوك
نقلا عن الاقتصادية