تبنت مؤسسة الملك خالد الخيرية (مشكورة) دراسة أعدها او أشرف عليها الاستاذ الدكتور سامي الدامغ بشأن حد الكفاية للعائلة السعودية. ورغم ان الدراسة اقتصادية/ اجتماعية socioeconomic وتتعامل مع متغيرات اقتصادية تدخل في حساب الدخل والتضخم. الا ان المشرف على الدراسة المتخصص اصلا في إدمان الكحول أصر على اعتبارها دراسة اجتماعية وان مفهوم (حد الكفاية) الذي يستخدمه هو مفهوم مبتكر جديد وانه يقدمه لأول مرة في المملكة. ولذلك يبدو انه رأى ان لا حاجة لإشراك اقتصاديين في الدراسة واعتبرها اجتماعية بحتة لا شأن للاقتصاديين بها ما أدى إلى خلط في المفاهيم لنسمع عن تضخم كلي وتضخم جزئي وهو ما لا نعرفه في الدراسات الاقتصادية، فالتضخم Inflation الاقتصادي له مفهوم واحد مرتبط بالرقم القياسي العام للأسعار سواء قسناه من جانب المستهلكين او المنتجين، أما ارتفاع الأسعار في أحد مكونات الرقم القياسي أو حتى جلها لا يسمى تضخما جزئيا ولا أعرف من أين أتت هذه التسمية.كما أدى تجاهل الاقتصاديين في هذه الدراسة إلى تحيز احصائي statistically biased واضح في اختيار العينات نتيجة لعدة عوامل من اهمها أن الباحث اعتبر المناطق السعودية الثلاث عشرة متجانسة homogeneous في المتغيرات العشرة التي حاول قياسها فكانت النتائج كالتالي: تكلفة السكن للأسرة المكونة من خمسة اشخاص، تبلغ 1390 ريالا للسكن و 1510 ريالات للأكل و 1307 ريالات للملابس و 201 ريال للرعاية الصحية و 248 ريالا للحاجات المدرسية، الى جانب 633 ريالا للمواصلات و 1353 ريالا للخدمات الأساسية، الى جانب مبالغ اخرى لحاجات الاطفال والكماليات والترفيه، ما يرفع المجموع الى قرابة تسعة الاف ريال، ما يعادل 2400 دولار ورغم ان الدراسة حاولت التغلب على معضلة عدم التجانس في البيانات بأخذ عينات كثيرة وصلت الى 10 الاف عينة من عاصمة كل منطقة ومن المحافظات فئة (أ) وفئة (ب) الا ان هذا لا يكفي لتجاوز التنافر في بيانات العينات heterogeneity بسبب تجاهل الدراسة لمراكز النمو الوطنية والإقليمية وانعكاس ذلك على الفروقات الفردية بين المتغيرات، وكذلك لم تأخذ في اعتبارها أن بعض المناطق (أقل نموا) وما يعنيه ذلك من فروق هائلة في كافة المتغيرات بين المدن الرئيسية في تلك المناطق والمدن الأخرى التي تعتبرها الحكومة في مناطق نامية. وحتى في المناطق الرئيسية الثلاث (الشرقية، الرياض، مكة المكرمة) وبالرغم من أن نسبة عيناتها تجاوزت نصف إجمالي العينات إلا أنها لا تمثل تلك المناطق تمثيلا كافيا فاختيار الرياض والخرج وعفيف وتجاهل محافظات أخرى هامة في المنطقة يجعل البيانات متحيزة للرياض وكذلك الأمر في تجاهل محافظة جدة في اختيار عينات منطقة مكة المكرمة يجعل العينات بلا قيمة حقيقية.ولذلك أرى أن النظر بعين واحدة لمسألة على هذا القدر من التعقيد ومحاولة التعميم فيها على مستوى المملكة أصعب من أن يؤخذ بمثل هذه البساطة الخطية التي انتهجتها الدراسة، وكان الأولى أن يتم إعدادها على أساس أنها دراسة اجتماعية/ اقتصادية تنتهج منهج دراسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وغيرها من مراكز البحوث والتنمية العالمية وتوظف مفاهيمها بالتفريق بين المناطق المتقدمة والنامية وبين المجمعات السكانية الكبرى والأرياف، فكافة دراسات المنظمات الدولية التنموية تعترف بالفروقات الإقليمية والتنموية مثلما تعترف بها المملكة حاليا ولذلك هي تعد معايير وتجمع بيانات لمجموعة الدول المتقدمة تختلف عنها بالنسبة للدول النامية. أما القول بأن مفهوم (حد الكفاية) Sufficiency income مبتكر وجديد في المملكة أو في غيرها من الدول فغريب فعلا، لأن هذه المسألة قديمة قدم المجتمعات الإنسانية وهي محور صراع فلسفي طويل بين المذاهب الفردية والمذاهب الاجتماعية. فالمذاهب الفردية التي ولدت النظام الرأسمالي ترى أن (حد الكفاف) ٍSubsistence income هو ما يجب التعامل معه من منطلق أن الرفاه نتيجة العمل ومن يعمل أكثر ويتمتع بمواهب ومهارات أكثر يستحق أن يكون مردوده أكثر وأن تدخل الحكومة في العلاقات الاقتصادية يجب ألا يؤثر كثيرا في فرض معادلة إنتاجية يخسر فيها الرأسمالي لمن لا يستحقون. وعلى النقيض من ذلك تأتي المذاهب الاجتماعية المدعومة بالأديان والتي ترى أن (حد الكفاية) هو محور العدالة الاجتماعية وأن تدخل الحكومة في العلاقات الاقتصادية ضروري بالقدر الذي يضمن لكل فرد في المجتمع حد الكفاية الذي يضمن له حدا أدنى من العيش الكريم الذي لا يحتاج بتحقيقه للاقتراض أو للاستجداء.ولعلي أكتفي لضيق المساحة هنا بالتأكيد على أن مثل هذه الدراسات الحساسة تحتاج إلى فريق من الخبراء القادرين على استيعاب مختلف المتغيرات وبناء نماذج إحصائية متعددة التخصصات تأخذ في اعتبارها كافة الفروقات لتقليل الأخطاء وتجاوز عيوب جمع البيانات واختيار العينات حتى يمكن الاعتماد عليها في التخطيط للتنمية المستدامة.
نقلا عن عكاظ
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
- فوز باسم خندقجي بالبوكر هو انتصار لصوت الأحرار وللرواية الفلسطينية
- السعودية تستضيف النسخة الـ28 لمؤتمر الاستثمار العالمي في نوفمبر القادم
- إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” منها السعودية رجاء عالم
- عدد مستخدمي الأدب عبر الإنترنت في الصين يتجاوز 500 مليون
- ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي
- عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»
بين الكفاية والكفاف جبال وهاد وقتاد ودراسة خط الفقر واهمة
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/86832.html