بيروت (رويترز) – علق الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الأربعاء جلسة مجلس النواب لمدة شهر معرقلا بذلك الخطط المقترحة لتمديد فترة ولاية البرلمان للمرة الثالثة على التوالي منذ عام 2013.
وقال مسؤولون إنه كان من المتوقع أن يصوت البرلمان يوم الخميس على تمديد ولايته حتى يونيو حزيران عام 2018 دون إجراء انتخابات.
كان ناشطون قد دعوا إلى احتجاجات في الشوارع لمنع ما وصفوها بأنها ضربة للديمقراطية. وانتخب البرلمانيون الحاليون في عام 2009 لمدة أربع سنوات لكن منذ عام 2013 مدد النواب ولايتهم مرتين مما أدى إلى مظاهرات واحتجاجات واسعة النطاق في وسط بيروت.
وقال عون في خطاب للأمة بثه التلفزيون إن التأجيل يهدف إلى منح السياسيين مزيدا من الوقت للتوصل إلى اتفاق حول قانون انتخابي جديد.
وأضاف “نحن اليوم على مشارف نهاية الولاية الممدة للمرة الثانية لمجلس النواب الحالي. لذلك وإفساحا في المجال لمزيد من التواصل بين جميع الفرقاء ومنعا لاستباحة إرادة اللبنانيين لجهة حقهم في الاقتراع واختيارهم ممثليهم ووضعا للجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية.. قررت تأجيل انعقاد جلسة المجلس النيابي مدة شهر واحد وذلك استنادا إلى نص المادة 59 من الدستور اللبناني.”
وتمنح المادة 59 من الدستور اللبناني رئيس الجمهورية حق “تأجيل انعقاد المجلس إلى أمد لا يتجاوز شهرا واحدا“.
وقال عون في خطابه “قد تعهدت أيضا في خطاب القسم بالعمل على تصحيح التمثيل السياسي للشعب اللبناني على الأسس الميثاقية المذكورة. كذلك تعهدت الحكومة من منطلق استعادة الثقة بالدولة والسلطات والمؤسسات بإقرار قانون انتخاب جديد يراعي صحة التمثيل وعدالته.”
وأضاف “إنني سبق وحذرت مرارا من تداعيات التمديد وهو ضد المبادىء الدستورية وحتما لن يكون له سبيل في عهد إنهاض الدولة وسلطاتها ومؤسساتها على أسس دستورية سليمة.”
وفي أكتوبر تشرين الأول من عام 2016 انتخب البرلمان قائد الجيش السابق عون رئيسا مما أنهى فراغا دام 29 شهرا في صفقة سياسية اعتبرت انتصارا لجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية وإيران وسوريا.
وأصبح عون رئيسا للبلاد في إطار صفقة لتقاسم السلطة قادت سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وأدت إلى تشكيل حكومة وحدة تضم جميع الأحزاب اللبنانية الرئيسية تقريبا.
ولطالما عانت السياسة اللبنانية من الانقسامات الطائفية كما أدت الحرب في سوريا المجاورة إلى تفاقم الأزمة. وكثيرا ما تصاب الحكومة بالشلل وتعجز عن اتخاذ قرارات أساسية وكذلك هو الحال بالنسبة للبرلمان.
وعقب إعلان الرئيس عون عن تأجيل الجلسة قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان نقلته الوكالة الوطنية للإعلام “أما وقد استعمل رئيس الجمهورية نص المادة 59 من الدستور التي تعطيه الحق بتأجيل انعقاد المجلس إلى أمد لا يتجاوز شهرا واحدا فإني مرة أخرى أعتبر هذه الخطوة من فخامة الرئيس التي تستعمل لأول مرة في تاريخ لبنان هي في سبيل تأمين مزيد من الوقت للاستفادة منه بالتوصل إلى تفاهم على قانون جديد طالما نادى الرئيس أن يكون هذا القانون تحت سقف النسبية.”
وأضاف “بدوري وانسجاما مع موقفه أرجئ جلسة الغد إلى الخامس عشر من شهر (مايو) أيار المقبل آملاً التوصل إلى صيغة قانون موحدة تسمح بتمديد تقني ينأى بنا عن الفراغ القاتل والذي يودي بلبنان للانتحار المؤكد.”
وعلى مدى سنوات لم تتمكن الأحزاب السياسية الرئيسية في لبنان من الاتفاق على قانون انتخابي جديد حيث يسعى كل فريق إلى التمسك بقانون يحصل بموجبه على حصة أكبر من منافسه في مجلس النواب.
وتم طرح العديد من القوانين ولكن كل حزب كان يرفض قانون الطرف الآخر وانتهت المهل الدستورية لتنظيم الانتخابات من دون التوصل إلى قانون.
وكانت معظم الأطراف السياسية أعلنت رفضها إجراء انتخابات على أساس القانون الانتخابي المعمول به حاليا والمعروف باسم “قانون الستين” الذي يعود إلى عام 1960.
ويقول منتقدو القانون إن تقسيماته تحول دون تمثيل صحيح للبنانيين وإن أصوات الناخبين المسيحيين خصوصا تذوب في عدد كبير من الدوائر في أصوات الطوائف الأخرى وهو ما يمنع المسيحيين من اختيار نواب طائفتهم.
ويتهم منتقدون وناشطون السياسيين اللبنانيين باستغلال الإضطرابات الإقليمية كذريعة لتفادي الانتخابات.
وتجمع بعض المتظاهرين في وسط بيروت للتنديد بخطوة التمديد. وقال هادي منلا من حملة “بدنا نحاسب” لرويترز إن خطوة الرئيس “تبقى ناقصة.الذي حصل اليوم أن الرئيس قذف المشكل إلى شهر ولم يحل المشكل جذريا. هذه الخطوة كان يجب أن تترافق مع خلية عمل أو خلية أزمة لإنشاء قانون جديد وتحديد موعد ثابت للانتخابات.”
من جانبه قال عطاالله السليم من قطاع الشباب في الحزب الشيوعي “بتقديرنا هذا تأجيل للأزمة لأنه عمليا إذا لم يتم الاتفاق على قانون انتخابي بعد شهر من الآن ستتجدد الأزمة. أي أنه لا يوجد ضمانة اليوم لهذه القوى السياسية بالوصول إلى اتفاق خلال شهر طالما هم في خمس سنوات لم يتوافقوا على قانون إنتخابي واليوم يوجد أكثر من 20 صيغة في اللجان النيابية. نحن نقبل أن يكون هذا جرس الإنذار الأخير للقوى السياسية.”