يحصل أن يتم إلغاء حفلات غنائية في الوطن العربي لمطرب أو مطربة احتراما للدم العربي المسفوك في أي مكان، لاسيما تلك الدول التي تزداد فيها المأساة عن دول أقل ضررا، وهذا فيه نوع من التعاطف الوجداني مع تلك الدماء التي تذهب ضحايا الاستبداد السياسي كما في سوريا حاليا، أو الاحتلال كما في الحالة الفلسطينية أو الحالة العراقية قبل أن تتراجع فيها القوات الأمريكية، وتنسحب شيئا فشيئا على اعتبار أن الغناء في وقت المأساة الإنسانية عمل ليس فيه أدنى احترام لتلك الدماء المسفوكة.
كما يمكن رفض أي محاولة للفرح داخل هذا الواقع الأليم إمعانا في التعذيب النفسي، والتذرع بالدم العربي لخلق حالة مأساوية عامة.
صحيح أن رفض الغناء أو الرقص هو تعبير عن احترامٍ لتلك الدماء المسفوكة، لكنه في المقابل مصادرة لحق الآخرين في التعبير عن ذواتهم المقموعة بأصغر حالاتها، وليس في ذلك استهانة بألم الآخرين، بل هو تعبير ذاتي عن الذات والحياة المختلفة في مآسيها وأوجاعها وأفراحها.. وإذا ما أردنا معرفة الرؤية العامة لإلغاء تلك الحفلات أو الدعوة إلى إلغائها، أو حتى استنكار وجود حفلات غنائية والدم العربي يسيل في كل مكان، فإن الرؤية تعود إلى أحد أمرين: تحريم الغناء من النظرة الدينية، ولذلك فلا يجوز إحياؤها من الأساس فضلا عن إحيائها في وقت المأساة الإنسانية وهذا قول بعض الإسلاميين، أو من جهة أخرى بحسب الرؤية القومية، فهي ليست إلا استهتارا بالدم العربي وليس ذلك إلا ترفا اجتماعيا برجوازيا، وفي كلتا الرؤيتين يتم رفض الغناء بوصفه عملا دونيا لايليق مع وجود المأساة العربية ويتم قبول «النشيد الإسلامي» من قبل الإسلاميين أو «الغناء الملتزم» من قبل القوميين لما يحملانه من رؤية نضالية.
في النظرتين هناك رؤية للفن، والغناء تحديدا، دونية.. في حين أن الفنون بعمومها جاءت كتعبير عن الإنسان بكل حالاته الإنسانية حتى بأقلها أهمية وهامشية، فالإنسان يحمل مأساته الكبرى والتافهة في الوقت نفسه، وبهما يعبر عن ذاته، فكما أن دم الإنسان يعد غاليا ولايجوز استرخاصه بأي حال من الأحوال بغض النظر عن من هو أو عن ديانته وجنسه ومذهبه، فإن من حق الإنسان أن يعبر عن ذاته بالصورة التي يراها بغض النظر عن الحدث الذي ساقه لذلك التعبير فنيا. في الرواية المشهورة (زوربا اليوناني) لنيكوس كازنتزاكس كان الرقص سيد المأساة فبطل الرواية يرقص حينما يحس بالألم.. يرقص لكي ينتصر على ذاته المنكوبة.. يرقص ليتحدى الوجع وليفتح لذاته أفقا للحياة.. وحينما سأله محاوره المثقف عن أول عمل فعله بعد وفاة ابنه قال: خرجت فرقصت.
في عز المأساة يستطيع الإنسان أن يغني ولسنا بأسوأ حالا ممن وقعت عليه المأساة ومع ذلك فهو يغني ويرقص.. وفي فلسطين مثلا وهي الجرح العربي الذي لم يلتئم منذ سبعين عاما فإن هناك فرقا للرقص والغناء تفوق في فنيتها تلك المجتمعات التي تزايد على الدم العربي، وترفض تكوين مثل تلك الفرق..
النظرة الدونية للفن لانجدها في المجتمعات المتقدمة إذ يمكن أن ترتحل فرق بكاملها لتقدم عروضها في الرقص والغناء للمنكوبين مجانا كمواساة عملية لهم في عز مأساتهم أو أن يعود ريع تلك الحفلات إلى المنكوبين مساعدة لهم ومحاولة لتقديم يد العون، ومن هنا يصبح الفن وسيلة إنسانية للتعبير عن الإنسان أو لمساعدته، أي أنه عمل نبيل في نظرهم، وليس عملا دونيا كما هي
نقلا عن عكاظ
- الشرطة تخلي مخيما مؤيدا للفلسطينيين في جامعة جنوب كاليفورنيا
- مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُنظم مؤتمرًا دوليًا في كوريا الجنوبية حول “تحديات وآفاق تعليم اللغة العربية وآدابها”
- السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها
- كشف جديد للغاز في حقل هديبة في الشارقة
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
الغناء ودم الإنسان العربي
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/73992.html