الهتافات التي كانت تتردد في صفوف الجماهير أثناء مباراتنا مع العراق، كانت هتافات وشعارات طائفية!!
وعندما تصل مخالب الطائفية إلى الرياضة، والتي من المفترض بأنها الشكل الأمثل لتطويع وتهذيب العلاقات البشرية، حيث تسمو بنزعات العنف من حيز النعرة والشوكة والعصبيات، إلى مضمار الروح الرياضية والجمال واللياقة، فإن هذا يعني بأننا قد أشرفنا على مرحلة خطرة وملتهبة، وحقول مستقبلية مزروعة بالألغام.
في القضية الطائفية هل نكتفي بتفسير الموضوع ضمن التدخل المؤامراتي الدولي، وأذرعته في المنطقة؟ (رغم صحته في بعض من الأحيان؟) ومن ثم نكبر الوسادة على هذه الحقيقة التي تخلي مسؤوليتنا من تخصيب الأرضية المحتدمة القابلة لاستقبال هذا النوع من الصراعات، وتأجيجها داخل حواضن تمتد جذورها في عمق التاريخ.
بإمكاننا الآن الاطمئنان إلى الخطاب الموارب، أو الحلول المرحلية، ولكن عندما يكون مستقبل الوطن طرفا، في هذا الموضوع، يجب أن ينتزع الملف من أيدي السفهاء والمحرضين وعملية التنابز الأبدي، ويوكل إلى الحكماء ومن يجعل مستقبل استقرار الوطن وسلامته أولوية.
المؤلم في الموضوع ان ملف النزاعات الطائفية، يتصدى له دوما المتطرفون الإقصائيون من الطرفين، بحيث تتقلص مساحة الحوار والحلول السياسية، فالصراعات العقائدية ذات أرضية تبشيرية، ويصعب حلها على مائدة الحوار.
على المستوى الميداني، تصدى التحالف العربي عبر أبطاله ودماء شهدائه، للحصار الطائفي الذي كان في طريقه لالتهام اليمن، وتطويق جزيرة العرب.
لكن النظام في إيران مازال يقود حملة تصعيدية ذات محتوى عدواني يقترب من عنتريات العصابات، ولا علاقة له بخطاب دولة تحتل مقعدا في الأمم المتحدة، وهذا عموما ليس بمستبعد على نظام ثيولوجي عقائدي يستمد شرعيته منذ البداية من إقصاء المخالف، وتصدير ثورته.
قبل أيام صرح وزير خارجيتنا بأن إيران قد صعدت من لهجتها العدائية مع توقيع معاهدة الاتفاق النووي، على حين إن دول الخليج باتت هي خط الدفاع العربي الأول أمام نوايا مضمرة، لنظام مابرح يختار من التاريخ أسوأ مافيه ويجعله أجندة لعلاقته الإقليمية، ولأن التاريخ دوما يخبرنا بأن أنظمة من هذه النوع سرعان ماتنهار ولا يكتب لها الديمومة والبقاء، لأن عملية الحشد والتجييش الحربي والمخابراتي، يستنزف مقدراتها وطاقاتها، ويحجبها عن التنمية الداخلية، وصناعة الإنسان وتطوير المكان، كأهم سبل الاستقرار والنهضة.
يبقى التحدي الآن لدول المنطقة هو نزع الفتيل، من ملف لطالما كان سببا في الصراعات والمزايدات داخل الشرق الأوسط الحزين، الذي ظل ضحية لصراعات عنصرية طائفية لا تتوقف عبر تسييس الدين وتديين السياسة، بحيث تورمت المدونة التاريخية للمنطقة بأخبار الحروب العقدية والطائفية التي استنزفت طاقاتها ومجهوداتها ومقدراتها المادية والمعنوية بشكل مزمن، ولابد من السعي الحثيث لتأسيس ملامح الدولة المدنية الحديثة، ليتولى السياسي أمور الدنيا وفق مصالح دنيوية، ويذهب الفقيه إلى روحانية وسكينة المسجد.
نقلا عن الرياض