فكرة التحول الوطني فكرة رائدة وخطوة تاريخية لمستقبل البلاد وفوق ذلك فهو ضرورة ملحة طال الزمان أو قصر، لكن الاختلاف هنا هل نحن من سيأتي إليه أم هو من سيأتي إلينا وفرق بين الاثنين، وهل ستكون خطوة وقائية أو نصف وقائية أو علاجية صرفة، فالعبرة بالتوقيت، فإذا ما كانت علاجية ففي أي مرحلة سيكون التحول في العلاج، وهل سيكون عن طريق الجراحة أم الكي أم المسكنات؟ لكن في كل الأحوال فمن المؤكد أن التحول الإستراتيجي مسألة معقدة فهي عملية مركبة وتراكمية وذات أبعاد سياسية واقتصادية وتعليمية وثقافية وتنظيمية، وبالتالي فهي حزمة متكاملة لا يمكن تجزئتها أو اجتزاء ما يروق لك منها، وما لا يروق، ولن تكون عملية تحول حقيقي ما لم يسبقها مخاض عسير ويصاحبها غثيان وآلام وأوجاع، وقدرة على التضحيات والصبر من كل أطراف العملية، وأقول من كل أطرافها، ولا بد من خريطة لها لاحقا، فلا يوجد جرعة مثالية، فإما أن تأخذها كلها أو تتركها وشأنها، والتاريخ الحديث خير شاهد على ذلك، وبالتالي وجب التنويه بأهمية القيام بإيجاد بنية تحتية لهذه الأطر التي تقوم على مداميكها عملية التحول النظري والعملي.
الحاك الكبير والهائل الذي قام به ولي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان مع فريقه الاقتصادي في جنوب شرق آسيا يمثل واحدا من مؤشرات وملامح هذه الإراده القوية، ويعد تصعيدا إيجابيا لأجندته وبرنامجه المعلن وتسخينا لالتزامنا أمام العالم كلل بالدور الذي ستلعبه المملكه في إطار هذا التحول وبرنامجه الزمني، وهي شجاعة تدل على إرادة قوية لتحقيق هذا التحول، وهنا فنحن نكتسب الخبرة والمراس والتجارب يوما بعد آخر مع عمالقة الاقتصاد العالمي، ولا مانع أن يكون ثمة أخطاء فهذا أمر متوقع وسوف تزداد وتيرة هذه الأخطاء كلما زادت سرعتنا في حلبة التحول.