قليلا من التأمل في العنوان يجعلك أمام مفارقة تُفضي إلى نقض دعوى الخصوصية التي بنينا حولها جدرانا عازلة تفصلنا عن العالم الخارجي بينما الإسلام، وهو القيمة الرمزية العليا التي نفاخر بها، هو في ذاته عالميا وللثقلين أجمعين إلى قيام الساعة. إن أهم ما عندنا من خصوصية هو أعلى ما عندنا من عالمية، ولو استبعدنا هذه القيمة الإسلامية من مجتمعنا المحلي فما هي إذًا القيمة التي ندعي بها التميز والخصوصية.
كيف نصر على الانغلاق تحت مسمى الخصوصية، ونلغي عالمية القيم الثقافية والأخلاقية في مجتمع يستمد تعاليمه العليا من دين تشرف بكون رسالته كونية، وهي الميزة التي اختصت بها الأمة المحمدية. إن سمو القيم التي نؤمن بها ينبغي ألا تعزلنا، بل تجعلنا منفتحين على العالم نقدمها نماذج ملهمة وهوية ذات شأن معتبر عند المجتمعات الأخرى.
لو سلمنا بخصوصية أمة من الأمم فلن تكون لهذه الأمة، بل لمن سبق كما ورد عن النبي الكريم (كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة). ولو سلمنا بالخصوصية لهذه الأمة فلن تكون في عصر لم يعد العالم قرية واحدة فحسب، بل ضاقت القرية شيئاً فشيئاً حتى أصبحت شاشة واحدة بقدر كف اليد الواحدة لهاتف ذكي يشاهد من خلاله الجالس في "مانهاتن" صديقه في "شيبة"، ويتنقل في ثوان إلى كل شبر من الكون الفسيح ليرى محادثته للتو قد نشرت في "سيدني".
من أوهامنا في الخصوصية دعوى امتلاكنا ثقافة واحدة مشتركة، بينما الواقع هناك أنساق ثقافية مثرية تجلت للعيان أكثر بحضور الإعلام الجديد. كذلك، نجد التعددية المذهبية في ذات الدين الذي هو بمثابة المشترك المقدس، وأيضا تعددية اللهجات في جامع اللغة، مما ينسف دعوى الخصوصية.
أيديولوجيا الخصوصية وُظفت بطريقة خاطئة من قبل أرباب التشدد الديني، والتشدد الاجتماعي لعزلنا عن التطور ومواكبة الحضارة العالمية، بل ومواكبة المجتمعات المحيطة المشابهة لبيئتنا رغم انتفاء الموانع في ثوابت الدين والقيم والأعراف. استبدال الخصوصية المزعومة أصبح مطلبا تفرضه الثقافة البشرية الحديثة التي تمر بأكبر تغير كوني، فضلاً عن المتغيرات السياسية والاقتصادية، وتتطلبه ثقافة جيل جديد يملك متطلبات مختلفة ومهارات علمية وتقنية عالية تجعله منفتحا على العالم بشكل ملهم وإيجابي.
الإعلام الجديد، هو نهاية حقيقية لذهنية العزلة تحت إطار الخصوصية السعودية التي ربما كان لها مسوغ في مرحلة فارطة لم يكن فيها سوى شاشة (أرضية) واحدة، تم استبدالها حاليا بثلاث شاشات (فضائية، وإنترنت، وجوال) تحت وابل من الهطل الفضائي المتواصل.
المخاوف من الانفتاح على العالم قائمة على فرضية خاطئة تتوهم المجتمع الفاضل والذي لا وجود له سوى في قصص الخيال. كلنا يعلم أن العهد النبوي، الذي هو خير العهود، لم يخل من إقامة الحدود جراء وقوع الزلل الذي هو جبلة بني البشر. قلة الاحتكاك بالآخرين جعل البعض يظن أنه أميز من غيره. والتميز الذي لدينا (إن وجد) لا يعني أننا بشر من كوكب آخر، بل نحن مثل الآخرين لنا عيوب ومحاسن، نحب الحياة ونطمح أن نكون مثل الآخرين، بل وأفضل منهم كما حصل في نماذج سعودية عديدة تفوقت في مجالات بحثية وعلمية وثقافية وفنية حين انعتقوا من الانغلاق وفكرة المحلية الثقافية.
وفي زمن التحول الجديد، لم يعد لائقاً بنا تبني نظرية الخصوصية لاسيما والوطن في مرحلة يتولى صدارة العالم العربي والإسلامي، وعضو فاعل في منظومة الدول الاقتصادية العشرين، وله حضور سياسي قوي ودور قيادي عالمي.
نقلا عن الوطن السعودية
- وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج
- مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك
- روسيا تطلق أول جهاز محمول لتحليل الحمض النووي في المنزل
- لماذا دخل الشرع البيت الأبيض من الباب الجانبي؟لأنها زيارة خاصة لا رسمية
- عالم مصري يبتكر ضوءا لا يخترق
- علماء روس يبتكرون عدسة نانوية قادرة على تغيير مستقبل الطب الحديث
- بعد النفط.. السعودية أكبر مُصدِّر للبيانات في العالم
- بطل جزائري أنقذ حياة عدد من الركاب خلال هجوم طعن جماعي على متن قطار في لندن
- زهران ممداني.. أول حاكم مسلم لولاية نيويورك وهزيمة اللوبي اليهودي
- شركة صينية تستغل موقعاً استراتيجياً في جيزان جنوب السعودية لتصنيع السيارات
فهد الاحمري

عالمية الإسلام وخصوصية السعودية
Permanent link to this article: https://www.alwakad.net/articles/1928550.html
