يسألونك عن وزارة الشؤون البلدية والقروية قل هي ضرس العقل ينشأ في مرحلة عمرية فيؤثر سلبيا مع التقدمً بالسن في نمو وصحة الأسنان المفيدة فيضغطها متسببا ً بتزاحم بقية الأسنان مخلفا ً آلاما شديدة مباشرة وغيرمباشرة، مثلما يتسبب بالتهابات وتقرحات وصداع شبه مزمن.
ويسألونك عن معايير وزارة البلديات قل إنها تسن قوانين ليس ليحترمها الناس ويطبقوها بل ليخالفوها فيدفعواغرامات عن مخالفتها. إنها وزارة تتنصل من مسؤوليتها في متابعة ومراقبة عملية بناء المواطنين لمساكنهم،وتكتفي بمنح ترخيص البناء وشهادة إتمام البناء، فلا تستلم من المقاول أي مرحلة من مراحل البناء، فيقعالكثيرون من الناس في أخطاء ومخالفات سواء بقصد أو بدون قصد، مما قد يتسبب بوجود سوق سوداء للغراماتالنظامية وغير النظامية. وإلا فما معنى أن تبقى المخالفات وتنتشر ويستمر أخذ الغرامات والمقابل المالي، فهلالهدف الغرامة أم منع المخالفات والتجاوزات يا بلديات؟
ويسألونك عن إشاعة ثقافة الجمال من خلال وزارة البلديات، قل إن ما تقوم به الوزارة في كثير من المدن
والمحافظات إنما هو تلويث بصري وتشويه عملي لأغلب المداخل والمظاهر من خلال استخدامها رموزا بطريقةمباشرة دون تدخل للذائقة ومن غير بعد فني أو حضاري مدروس ومتسق مع العنصر الإنساني المكاني والزماني،ومن دون استنطاق البعد الحضاري والثقافي لكل مدينة ومحافظة ليعكس هذا البعد الحضاري فنيا على الشوارعوالمباني والأماكن والمظاهر العامة.
َّ ويسألونك عن أهداف وزارة البلديات، قل هي كم هائل من الموظفين المعو ِ مة م ُهن ِ هم وح ُرفهم، دون مهنيةَ ودون حرفية ولما تبلغ سن المؤسسية والعمل المؤسسي بعد. هي وزارة تتداخل وظائفها ومهامها الوظيفيةمع ما تقوم به وزارات ومؤسسات حكومية متخصصة. على سبيل المثال، هيئة الغذاء والدواء والهيئة العامةللسياحة والتراث الوطني ووزارة الثقافة ووزارة الصحة وزارة البيئة والمياه والزراعة، وزارة التجارة والاستثمارووزارة النقل وغيرها من المؤسسات التي تتداخل معها وزارة الشؤون البلدية والقروية وتعرقل أداءها وتعوقإنجازاتها.
لقد أخفقت وزارة البلديات بأن تؤسس وتبني معرفة وخبرة تراكمية بسبب الثقافة الفردية لإداراتها المتعاقبةعلى كافة مستوياتها العليا والمتوسطة والدنيا. كما أخفقت الوزارة بأن تكون مرجعية حتى في وظيفتهاالأساسية وهي تخطيط المدن والنظافة فلم تستطع توظيف الثقافات المحلية في البناء والتشجير وتقديم نماذج للمنازل والمساجد والحدائق العامة والمرافق والمدن بما ينسجم ويتسق مع البيئة والموارد الطبيعيةوالثقافات المحلية.
يسألونك عن تجارب وخبرة وزارة الشؤون البلدية والقروية، قل هناك فرق بين التراكم والركام. صحيح أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أخطبوط تتدخل في كل شيء في حياتنا، لكنها لا تعرف أي شيء عن حقوقنا وآرائناواقتراحاتنا.
إنني مؤمن بأن أي تمدد أفقي لأي مؤسسة، هو على حساب جودة ونوعية وتراكم المعرفة والخبرة الرأسية.وهذا ما أوقع وزارة الشؤون البلدية والقروية في هذا الفخ، فأصبحت إمبراطورية أفقية، على حساب القدرةبتكوين مرجعية رأسية تميزها عن بقية المؤسسات وتجعل لها موثوقية ومصداقية.
ويسألونك عن عمل إدارات الأراضي في وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانات المناطق، قل أن يخضع بعضالعاملين الحاليين والسابقين في إدارات الأراضي في الوزارة والأمانات وإدارات المشاريع والعقود للمساءلةأخلاقيا ومهنيا عما قد يملكون من أراض وممتلكات؟ فكيف يستقيم أن تتأسس أحياء بأكملها دون حدائق ودونمرافق عامة؟ وكيف يستقيم أن تذهب المياه العامة هدرا دون الاستفادة منها في سقي الحدائق وأشجارالشوارع؟ ولماذا تفشل الوزارة والأمانات في الفصل بين الكثير من المناطق السكنية والتجارية والصناعية فيعديد من المدن والمحافظات؟ وكيف تفتقر الطرق والشوارع للأرصفة؟ ولماذا يتم تغييب سكان الأحياء عن تخطيطأحيائهم؟ ولماذا أصبحت المجالس البلدية عبئا على العمل البلدي؟ ولماذا لم يتم الاستفادة من المجالس بالشكلالأفضل؟ ولماذا تفشل الوزارة والأمانات في محاكاة تجارب أرامكو والهيئة الملكية في الجبيل وينبع؟
ويسألونك عن تاريخ تأسيس الوزارة، قل تجاوزتها العديد من المؤسسات الحكومية الحديثة في الأداء وفيمواكبة التطور ولعب دور ينسجم مع متطلبات الإنسان في هذا العصر، فما قيمة أقدمية التأسيس، إذا كانتالوزارة تفتقر لثقة الجمهور بمرجعيتها، وما قيمة أقدمية تأسيس الوزارة إذا كانت تحوم حول بعض معاييرهاوأنظمتها وموظفيها علامات الاستفهام، فلم تنجح بإعادة الثقة ولا بشرح وجهة نظرها في تشريعاتهاولوائحها، ولم تنجح في الاستفادة من التجارب العالمية أو الدراسات والأبحاث في مجالات أنسنة المدن وترويضالأسمنت والحديد أو استبدالها في الثقافة العمرانية.
ويسألونك عن مستقبل وزارة البلديات بعد التغيير الوزاري الأخير، قل إن حجم الوزارة التنظيمي الضخم وترهلأجهزتها وقطاعاتها، وتداخل مهامها مع العديد من الوزارات والمؤسسات، ناهيك عن رسوخ قدم شبكات المصالحالعريقة فيها وفي بعض المؤسسات الخدمية، يجعلني أرى تقليص حجمها ومهامها الوظيفية وجهازها الإداريإلى الربع، والباقي إما أن يعود للمؤسسات الحكومية المتخصصة وتخصيص البعض الآخر. على أن تكتفي الوزارةبعد تحويلها إلى هيئة بعملها الذي لا تقوم به جهات غيرها، (عساها تنجح به)، شريطة تطبيقها للتعاملاتالإلكترونية مثل بقية المؤسسات الحكومية وإخضاع موظفيها للتأهيل والتدريب الإنساني والمهني وقبل ذلككله وضع أهداف لهذه الوزارة التي أعيت من يداويها.
نقلا عن عكاظ