شيء مريع وباعث للهم ما تعج به مواقع التواصل الاجتماعي من بث فاحش الكلم وبذيء العبارات تهدد وحدة وطننا المتحد من قرابة قرن من الزمان حين توحد الوطن ضد التشرذم والانغلاق، وصار وطناً جميلاً من مختلف المنابت والأصول. والفضل لله ثم للمناضلين من كل أرجاء الوطن والرفاق لقائد وحدة الوطن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وما زال هذا النهج متصلاً تتوارثه الأجيال وتتعهد حفظه.

لا أعلم البواعث والدوافع للتفاخر بمنح جوائز واحتفالات تكريم لأناس يغرقون في مدح شاعر يمجد القبيلة ويثير النعرات بعبارات تثير الأحقاد وتدمر الوعي، والعجيب أن تجد من يحتفي بمثل هذا من بعض من تحسبهم أكثر وعياً وثراءً مادياً ومعرفياً.

أكبر وأقدر من يكرم المبدعين، لكن لا أرى وجاهة أن يقتصر التكريم على منطقة معينة، ولعل ما يتم من خلال مؤسسة موهبة هو الأجدر حيث يتم تكريم المواهب دون نظر لأي انتماء، فهنا تزدهر كل المنابت والأصول في تنافس من أجل العلم والإنسانية والوطن.

مثير للشفقة أن تجد أناساً قد بلغوا مراتب ورتباً في الوظائف ينساقون خلف شاعر عامي يرسل شعراً ليس فيه من البناء المجتمعي أكثر من الهدم، والمثير أيضاً أن تستأجر قاعات ويدعى المئات للسماع والترديد وربما تحولت الحال إلى ملاسنات واشتباكات.

ولعلي هنا أقتبس تغريدة لسليمان الطريفي قال فيها: "الفخر بالقبيلة لا يسمن ولا يغني من جوع إذا كان مجرداً عن معاني المروءة والشهامة التي تحث عليها عادات العرب. لن يبقى بعد الأخلاق إلا مجرد أصوات فارغة كصوت الطبل".

وبالطبع فليست المفاخرة بأمجاد الوطن ورموز الخير بشيء غريب في الثقافة العربية والإنسانية لكن بعيداً عن التعنصر والتشكيك في عادات وتقاليد الغير.

والمريع في الأمر أن فئاماً من المتسربين من مراحل التعليم وهواة القص واللصق تمادوا في نقولات وأقوال لبعض الغلاة والمتشددين تشكك في عقائد الناس ولا تحمل الأمور المحمل الحسن وإحسان الظن، وكم من أسر فجعت من تصرفات وسلوكيات مثل هؤلاء!

أسعدنا كثيراً ما أعلنته رئاسة أمن الدولة من إنشاء إدارة مكافحة التطرف، وبثها مقطعاً في حسابها يقول: "ضد العنصرية والكراهية والفرقة والحقد والإقصاء لأنها أعداء الأديان والأوطان. فلا تكن عوناً على نشرها، ويجب علينا مواجهة دعاتها مهما كانوا. شاركوا بنشرها بيننا لنحافظ على نسيجنا الاجتماعي".