تواصل جماعات التطرّف والإرهاب استغلال فضاء الشبكات الاجتماعية وإمكاناتها المتنوعة لتوسيع دائرة التجنيد والوصول إلى شرائح ومناطق جغرافيّة جديدة بالدعاية وتجنيد أتباع جدد، ومن خلال الرصد والمتابعة يمكن تحديد خمس مراحل يتم من خلالها إدخال الشاب "المستهدف" القابل للاستقطاب في نفق التطرّف ثم الإرهاب وذلك على النحو الآتي:

أولا: الضّخ المعرفي المكثف (التأثير العاطفي)، ويبدأ مع بداية اتصال وتعرّض الشاب "المستهدف" لمواقع وحسابات المكلّفين بالدعاية الفكريّة للتنظيمات المتطرفة، هنا يتم تعريض "المستهدف" لدفعات منتظمة من الرسائل المكثّفة التي تؤسّس للمفاهيم التي يتبناها التنظيم والتي تركّز على هدم وإلغاء المسلمات الفكريّة السائدة عنده وبناء مفاهيمه الجديدة، وتتّسم هذه الرسائل عادة بالقصر والتشويق والتتابع المكثّف بما يكفل إحداث التشويش والإرباك الفكري عند المستهدف ومن ثم تتشكّل الشخصيّة الجاهزة لتقبّل ما بعدها.

ثانيا: إحداث الصدمة الشرعيّة بهزّ المكوّن الفكري (وتحريك الأثر الانفعالي)، وتأتي هذه الخطوة بعد أن تتراكم وتتفاعل المعلومات الجديدة في ذهن المستهدف وتربك قناعاته، ويتم خلال هذه المرحلة تعريض المستهدف لرسائل مركّزة تحذّره من مغبّة الخذلان وتجاهل نصرة "أهل الحق" بعد أن "هداه" الله إليه، ويتم في هذه المرحلة تأصيل مفاهيم الغاية من الحياة (الزائلة) في مقابل النعم التي تنتظر "المجاهد" في حياته والوعد بالجنة (الدائمة) وما فيها من متع والحور العين المنتظرات. وتتخلّل هذه الرسائل مضامين ذكيّة بين الرجاء والأمل والتخويف من مخالطة المجتمع الفاسد وسوء الخاتمة مع قصص تهوّل من خاتمة "المنتكس" ونحو ذلك.

ثالثا: تثبيت ملامح المسار الجديد، وفي هذه المرحلة تتّضح اتجاهات الشاب المستهدف في النزوع إلى العزلة وكثرة الأسئلة والحرص على المظهر وإعلان رأيه الذي يتفق مع الوضع "الفكري" الجديد، وغالبا ما يلاحظ القريبون منه مظاهر من التغيّر وكثرة الانعزال والانفعالات السريعة على القريبين عند السؤال عن الدراسة أو العمل.

رابعا: تعزيز الاتّجاه بالقول والعمل، في هذه المرحلة يركّز القائمون بمهمّة التجنيد على إرشاد المستهدف على بدائل الصحبة سواء الطبيعيّة أو عبر الوسائط الإلكترونيّة لتثبيت القناعات الجديدة وتعزيز الاتّجاه المتطرف في النظر للذات والدور والحياة والآخرة.

خامسا: الدعوة "للهجرة" بوصفها الطريق الأوحد للنجاة، وفي هذه المرحلة يكون التركيز في الحوارات والرسائل على أن هناك "طريقا وحيدا" في هذه الدنيا وهو الهجرة إلى أرض المجاهدين واللحاق بطلائع الأمّة وعدم "القعود" مع أهل الجاهليّة والكفّار الذين يحاربون الحق وأهله.

  • قال ومضى:

العقول حقول.. فازرع ما شئت.

نقلا عن الرباض