نحن لا نواجه تطورًا تقنيًا فقط، بل مشكلة أخلاقية بامتياز، مشكلة تتعلق بحدود التلاعب بالعقل الإنساني. هل من الأخلاق أن تسرق شركة عالمية انتباهك دون إذنك؟ أن تُصمم تجربة إدمانية دون أن تعترف بأنها كذلك؟ أن تأخذك من نفسك تدريجيًا، حتى لا تبقى إلا صورة تمارس التمرير بيد، والحياة تفوتك من اليد الأخرى؟

نحتاج أن نعيد تعريف وعينا، أن نمارس الصمت قليلًا، أن نلاحظ كيف نُستَدرَج، وكيف نُستهلك. لأن أول خطوة للخروج من الخدعة هي أن نراها كما هي: خدعة، مدروسة، غير بريئة. لكن وسط هذا الضجيج، فينا شيء لا يزال يقاوم. في داخل كل واحد منا مساحة نقية تشتاق للهدوء، للحظة الصمت الصافي، للزمن البطيء الذي لا يركض خلف شاشة. هذه المساحة لا تموت، لكنها تحتاج منّا إلى فعلٍ بسيط: أن نختار. نعم، أن نختار ألا نكون مستهلكين دائمين، ألا ندع المنصة تحدد مزاجنا، أو شكل صباحاتنا.

في النهاية، المشكلة ليست في التقنية، بل في طريقة استخدامنا لها، وفي صمتنا عن سياسات الإدمان التي تُمارس علينا. السكوت عن هذه اللاأخلاقيات هو قبول ضمني بها. والوعي بها هو أول خطوة للخروج من عبوديتها.

إذا كانت برامج التواصل قد خطفت عقولنا بأساليب دقيقة ومدروسة، فنحن أيضًا نملك حق استعادة أنفسنا. أن نعود للحياة بعيون مفتوحة، وعقل لا يقبل أن يكون أداة في يد خوارزميات.