إن أكثر ما تحدث عنه المثقفون والمفكرون العرب في كتاباتهم الفلسفية هو الإشارة والتأكيد على أزمة الفكر الفلسفي العربي المعاصر، الأزمة التي لا تفارق كتاباتهم، ولا يتوقفون في الحديث عنها ولا يملون، ولا يكادون يختلفون عليها أيضا.
وهؤلاء المثقفون والمفكرون هم الذين عرفوا بهذه الأزمة، وعملوا على استظهارها، وبرهنوا على وجودها، ونظروا في أسبابها ومسبباتها، وكشفوا عن أبعادها وتداعياتها، وتوقفوا عند العديد من الجوانب المتصلة بها.
إلى درجة بات من المعروف عند هؤلاء وغيرهم، أن مع كل حديث عن الفكر الفلسفي العربي المعاصر سيكون الحديث عن الأزمة طاغيا، ومع هذا العلم عند هؤلاء، مع ذلك نجدهم يتسابقون ويسارعون في الحديث عن هذه الأزمة التي طالما اسمعو أنفسهم لها كثيرا، وما زالوا يسمعون ويستمعون لها.
ويبدو أن بعض الكتاب باتوا حائرين في طريقة النظر لهذه الأزمة، فنجد أنهم تارة يتحدثون عنها بطريقة ما، وتارة يتحدثون عنها بطريقة مختلفة.
ومثل هذه الحيرة قد نجدها عند الكاتب المغربي عبد السلام بن عبدالعالي، ففي كتابه «الفكر في عصر التقنية» الصادر سنة 2000م، نجد أنه تحدث عن هذه الأزمة بطريقة، وفي كتابه «منطق الخلل» الصادر سنة 2007م، تحدث عنها بطريقة مختلفة.
في الكتاب الأول حاول بن عبد العالي ربط الأزمة بعوامل ذاتية ترجع إلى الذهن والفكر وطريقة الفهم، وتتصل تحديدا بطريقة فهمنا المتشكل حول الفلسفة وتاريخها، وحسب رأيه ما أكثر الحديث في عالمنا العربي عن عقم الفكر الفلسفي عندنا وعجزه عن مواكبة الحداثة، وعند كل حديث من هذا القبيل غالبا ما تشير أصابع الاتهام إلى عوامل مؤسسية تعتبر عائقا دون قيام فكر فلسفي، فإما أن نشير إلى علاقة الفلسفة بالمؤسسة التعليمية، أو نعزو عقم التفكير الفلسفي إلى المؤسسة السياسية أو الدينية.
وهنا يتساءل الكاتب ماذا لو حصرنا أنفسنا داخل الفلسفة ذاتها، وبالضبط داخل فهمنا نحن في المجال العربي للفلسفة ولتاريخها؟ لمعرفة إلى أي حد يعمل فهمنا للفلسفة ولتاريخها كعائق يتحدى ظهور فكر فلسفي!
وفي الكتاب الثاني تغيرت طريقة ابن عبد العالي في تحليل هذه الأزمة، حيث حاول ربطها بعوامل خارجية ترجع إلى الواقع والوجود الخارجي، وحسب رأيه إن أزمة الفلسفة في المجال العربي ترجع إلى أنها تعاني حصارا ونبذا وتهميشا، فهي إلى اليوم لا تكاد تدرس في بعض الأقطار العربية، وهي في أقطار أخرى تدرس في التعليم العالي من غير أن يمهد لها في الأطوار السابقة لهذا التعليم، وحتى في الأقطار التي يسمح لها فيها بالحياة فهي تعاني من ضعف المقررات وتقادمها، وندرة المراجع والافتقار إلى الأمهات، وإذا أضفنا إلى كل هذا، طبيعة المناخ السياسي والأيديولوجي الذي تعرفه كثير من الأقطار العربية، والذي لا يظهر أنه مناسب لتوفر ازدهار المناخ الفلسفي المنشود.
وإذا كان الحديث المتكرر عن هذه الأزمة هو من تجليات الحيرة عند هؤلاء، فإن الحيرة الكبرى هي في كيفية الخروج من هذه الأزمة، وهل من الممكن الخروج من هذه الأزمة أم لا؟ وهل كثرة الحديث عن هذه الأزمة يمثل حلا وشفاء لهذه الأزمة؟ أم أنه يمثل تكريسا وتعقيدا لها؟
وبالتالي فما جدوى كل هذا الحديث عن أزمة الفكر الفلسفي العربي المعاصر
نقلا عن عكاظ
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
- فوز باسم خندقجي بالبوكر هو انتصار لصوت الأحرار وللرواية الفلسطينية
- السعودية تستضيف النسخة الـ28 لمؤتمر الاستثمار العالمي في نوفمبر القادم
- إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” منها السعودية رجاء عالم
- عدد مستخدمي الأدب عبر الإنترنت في الصين يتجاوز 500 مليون
- ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي
- عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»
أزمة الفكر الفلسفي العربي المعاصر
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/48532.html