تحدثت الأخبار أن إيران تقوم ببرنامج كبير ونوعي لإعادة هيكلة اقتصادها، تقوم الفكرة الإصلاحية الأساسية على محاولة إنقاذ النظام الاقتصادي الإيراني من نزعته الريعية، تقوم هذه النزعة في الأساس على دعم وترخيص كل المنافع والوقود والغذاء للكل، بحكم أن لدى الحكومة أموالا طائلة من عوائد النفط والوعود الثورية، فمثلاً وصل دعم الوقود إلى نحو ثلث الميزانية. هذا الكرم "الحاتمي" من الحكومات النفطية ينتهي بفوضى اقتصادية لا نهاية لها، فالدعم له تأثير تآكلي في المجتمع، فهو في جوهره يدلل الكل ولذلك يخرب الكل، والمدلل عادة ما يكون ضعيفاً ينتظر المزيد من الحكومة الكريمة، عدا أنه يساعد على الفساد والإسراف ويحد من قدرة الاقتصاد التنافسية. النهاية الحتمية أن الاقتصاد ضعيف ويصعب أن يقوم مجتمع قوي صحي دون اقتصاد تنافسي.
أتت الثورة في إيران مثل العادة بوعود وردية، ولذلك اضطرت الحكومة إلى دعم كل شيء خاصة الوقود. اكتشفت إيران بعد سنوات أن سياسة التدليل الاقتصادي سياسة فاشلة وسوف تؤدي إلى الهلاك، ولذلك عقدت العزم على الإصلاح . يعاني الاقتصاد الإيراني مشكلات صعبة، فنسبة التضخم تصل إلى 20 في المائة ومستوى الضرائب نحو 7 في المائة من الدخل القومي فقط، وأغلب القطاعات بعيدة عن رقيب الضرائب ونسبة البطالة تصل إلى نحو 12 في المائة. لعله بسبب هذه المشكلات أو بسبب رؤية مستقبلية أو محاولة للتكيف مع المقاطعة الدولية؛ أيا كانت الأسباب رأت الحكومة الإيرانية القيام بإصلاحات جذرية قبل فوات الأوان.
تقوم العملية الإصلاحية على رفع الدعم عن الوقود والمنافع والأغذية لكي تُسعر هذه بقيمها الحقيقية ومن ثم دفع دعم مالي إلى المحتاجين مباشرة. رفع الدعم عن الكل (لاحظ أن الدعم يقدم للمحتاج وغير المحتاج) وأن إعطاءه للمحتاجين يزيد من العدالة في المجتمع ويعمل على تعريض جميع الفعاليات الاقتصادية لقوى السوق والذي يسهم بدوره في خلق كيانات اقتصادية قادرة على المنافسة عالمياً. تقوم الفكرة الإيرانية على الخط نفسه الذي سبق أن تقدمت به سابقا ("الاقتصادية" عدد 5216 // 22/01/2008). ليس واضحاً لي تفاصيل البرنامج الإيراني ولكن مما ذكر أنه سوف يُدفع نحو 80 إلى 150 دولارا شهرياً لنحو 15 مليون فرد، نظراً لتعود الكثير من الإيرانيين أفرادا أو شركات على الدعم غير الصحي، فإنه سوف تكون هناك مقاومة لأي مشروع إصلاحي، ولكن المصلحة الوطنية في المدى البعيد كبيرة ومؤثرة. تجربة إيران شجاعة وفريدة وقد لا تعطى حقها في ظل التركيز على إيران سياسياً وما تقوم به إقليميا. في نظري أن ما تقوم به إيران اقتصادياً إذا كان نوعيا ونُفذ بدرجة عالية من الفعالية والشفافية سوف يكون أهم من أي برنامج سياسي خارجي تقوم به إيران. بناء الدولة اقتصادياً يمكنها من استمرار حضورها الخارجي والدفاع عن نفسها، بينما الضعف الاقتصادي يجعلها عرضة لتحديات خارجية لا نهاية لها حتى في ظل وفرة مالية سريعة الزوال بطبيعتها.
أخبار إيران يغلب عليها الطابع السياسي والعاطفي في ظل سعيها للتسلح الذري وسياستها السلبية في المنطقة، ولذلك فإن هذه الأخبار قد تكون أهم وربما تفوت على البعض. على الدول النفطية الأخذ بمسعى إيران. سوف تختلف هذه الدول طبقاً لهيكلة اقتصادياتها وتركيبتها السكانية ولكن المرض، وأعراضه واحدة، ولذلك فإن الحلول طريقها واحد وإن اختلفت الجرعات كمية وتوقيتا.
نقلا عن الاقتصادية
- السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها
- كشف جديد للغاز في حقل هديبة في الشارقة
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
إيران تعمل الصحيح اقتصادياً
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/48852.html