كل يوم لنا حرب جديدة (فارغة) ساحتها الصحافة وتويتر ومدونات الشباب والشابات.. وحربنا الجديدة هذه الأيام حرب موسيقى المدارس، التي أشعلها نائب وزير التربية والتعليم حمد آل الشيخ، عندما قال إنه لا يوجد مانع من استخدام الموسيقى في العروض المسرحية. وبدا أن الناس متفاجئون من هذا التصريح وكأن قرارا صدر من قبل يمنع موسيقى المدارس، بينما الحقيقة هي أن بيوت التعليم المختطفة والمسيطر عليها من طيف معين هي التي غيبت الموسيقى بحكم قرارها الذاتي و(السواد الأعظم) ولم يأمرها أحد بذلك.
وهذه واحدة من مصائبنا الكبرى، حيث يقرر طيف أو تقرر جماعة أو حتى يقرر فرد ما الذي يصلح للناس والمجتمع ثم يأخذ القرار ويطبقه دون أن يناقش هذا القرار مع المعنيين ودون أن يرجع للجهة الحكومية المسؤولة عن هذا المكان أو ذاك. وأكاد أؤكد لكم أن مدرسا واحدا، من بين عشرات المدرسين ومئات الطلاب، يكون هو الذي قرر ذات صباح أن الموسيقى حرام ويجب أن تتوقف، كما حدث وقرر أكثر من مدرس أن تحية العلم لا تجوز فألغاها فورا دون أدنى اعتبار لقرار الجهات الرسمية أو الرأي العام.
وهكذا هي تقريبا كل شؤون حياتنا: قرارات تحركها وتنفذها رغبات فئوية أو فردية لا تعطي احتراما ولا اعتبارا لاختيارات ورغبات الآخرين. المسألة خذوه فغلوه .. لا نقاش ولا حوار ولا تصويت على من يرغب بهذا الأمر أو لا يرغب به .. شيء يشبه الديكتاتوريات المتغلغلة والمتحركة والمتنفذة في كل زاوية من زوايا حياتنا. وكل ذلك يحدث مع أن الناس، خارج الطيف المسيطر، لا يريدون أن يفرضوا آراءهم ولا أجندتهم، فكل ما يريدونه أن يُحترموا كمواطنين لهم حق الاختيار وحرية التصرف المضبوطة بقوانين الدولة والخاضعة، أيضا، للنقاش والمداولة. الدولة تقول الآن إنه لا مانع من موسيقى المدارس في العروض المسرحية فماذا سنجد غدا في مدارسنا: قرارها أم قرار مدرس مجتهد؟!.
نقلا عن اليوم السعودية