تتميز فتاوى كثير من دارسي الشريعة في بلادنا أنها توليدية، تجبر من يتصدى للإفتاء أن ينخرط مباشرة في الإجابة على السؤال بما يطلبه السائل، لكن قلة هم من يتريثون في الإفتاء مباشرة حين يقفون على الواقع المعاش الذي يحياه المجتمع، ثم ينزلون الإجابة وفق ما هو معاش من خلال استنطاق الواقع بحال وفحوى السؤال. ورغم أن الطابع الشمولي هو بخلاف هذا في أغلب من يفتون ويعظون، فقد باتت هذه الفتاوى غير ذات مرجعية يمكن توثيقها في معاجم الفقه الإسلامي، بل هي بضاعة مغرقة في محلية المحلية ــ فقها وتداولا وقبولا. لدينا مؤسسة رسمية موكل لها الإفتاء حسب نظام الدولة، ومع ذلك فإن هناك حالة من الفردية في ممارسة الفتوى سهلت بروز وتسرب الفتاوى التوليدية التي ربما أسهمت في التقليل من هيبة الإفتاء.
من يعايش المجتمع ويعيش معه من المفترض أن يكون على علم ومعرفة ووعي بالحراك المجتمعي والعرف السائد والفقه المستجد للنوازل والعصر. وهنا فإن أي سؤال من أي كان لا بد أن يمر بمرحلة تصفية وتنقية للمضمون والمدار والمسار، بما يتوافق مع الواقع المعاش، من خلال علم ومعرفة من يتصدى للإفتاء بحال المجتمع الذي هو فرد من أفراده، فلا يصح في الفقه ولا في الفكر والاستدلال أن يجيب من يتصدى للإفتاء على أي سؤال عن: ما الحكم يا شيخ في العرضة التي يؤديها الرجال والنساء؟؟ فالمفتي لا بد أن يعلم أن الثقافة الشعبية ناهيك عن الرؤية الشرعية، لا تقر مثل هذا السؤال، فليس هناك عرضة تؤدى من الرجال والنساء، فالعرف المجتمعي لا يقر بهذا أبدا، وهنا فلو قال من يفتي قبل الاستجابة للمستفتي: أن هذا أمر لم نعرفه في مجتمعنا، فلا يؤدي العرضة إلا الرجال بالسيوف والبنادق والخناجر، وليس النساء من يلبسن هذه الأسلحة، والعرضة هي رقصة حرب، لكان في هذا تقدير وقبول واسع بوعي المفتي لواقع المجتمع، وبعد هذا الإيضاح للجمع يأتي الإفتاء بأن هذا الأمر المستفتى عنه لو صح فهو معلوم بحرمته. لكن أن يستجيب من يفتي حالا للمستفتي الذي لا يعلم إلا الله القصد والنية التي دعته إلى طرح سؤال مثل هذا، فهذه الاستجابة دليل على غياب ذلك المفتي عن مجتمعه وأخلاقه وأعرافه وحراكه.
إن استمرار توالي الفتاوى التوليدية في بعض برامج الإذاعات الرسمية ــ مسموعة ومرئية ــ هو مجال لنشر فكر متطرف متشنج يوغر العامة وقليلي التحصيل العلمي والوعي وتنامي كراهية أعمال ليس لها من الكراهة في التأصيل الشرعي نصيب، بل ربما في هذا تنامي صور لبلادنا في العالم من التطرف والتكفير، وكلها صفات أبعد ما تكون بلادنا عنها ــ ولله الحمد.
إن استمرار عبث السائل وتسرع من يتصدى للإفتاء قد كلفنا في هذا الوطن ثمنا عاليا في السمعة، لكن ــ بحمد الله ــ ليس للأمر كثير مصداقية خارج محلية المحلية في التلقي، وما يعول عليه العالم اليوم هو ما يصدر عن مؤسسات الإفتاء الرسمية التي تصدر أقوالها عن دراسة وتمحيص وتدقيق في الفقه الشامل
- تحت رعاية خادم الحرمين.. تنظمه جامعة الإمام الرياض تحتضن المؤتمر الدولي «دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي»
- سمو ولي العهد يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق
- وقف إعلان دقوا الشماسي بعد طلب أسرة عبد الحليم حافظ
- مشروع يوثّق المواقع السعودية التي عاش فيها أشهر شعراء العرب عبر التاريخ
- الصين تقدم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الدعم الأمريكي للسيارات الكهربائية
- لبنى الخالدي تشارك في حفل جوائز المرأة العربية
- مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يستعرض المؤشرات الاقتصادية المحلية والدولية
- قرص دواء واحد” يحاكي فوائد اللياقة البدنية دون ممارسة الرياضة..
- ألواح شمسية في مقل العيون .. خيال أصبح حقيقة
- أحداث وقعت في الخامس عشر من رمضان ابرزها زواج الرسول محمد
الفتاوى التوليدية افتراء ولا مرجعية لها
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/78312.html