سؤال هل الفقير يبقى فقيراً مهما تحسنت الظروف الاقتصادية والمعيشية للبيئة التي يحياها هذا الفقير، يلحظ على بعض الشرائح الفقيرة في الدول النامية أنها لا تتقلص في فترات الانتعاش الاقتصادي وتزداد خلال فترات الكساد بعكس الدول المتقدمة والتي تكون علاقة الفقر والنمو علاقة عكسية.
الحقيقة أن مفهوم مساعدة المحتاجين يأخذ طبيعة استثمارية لدى الدول التي يتقلص لديها الفقر، لأن الفقر في نظرهم طاقة معطلة. فهو لا ينتج ولا يدفع ضريبة دخل ولا يستهلك وإلى حد ما هو عبء عبر الدعم الذي يأتيه- النظر للموضوع من ناحية اقتصادية بحتة - و الفقير لا يريد أن يبقى دائما في هذه الحالة ويكون محل الإحسان.
يتم تحليل لأسباب الفقر فهل الأسباب دائمة أم مؤقتة، دائمة بإعاقة لا سمح الله سواء ذهنية أو بدنية وفي هذه الحالة يكون محل عناية ورعاية المجتمع، أو مؤقتة بأن تكون مؤهلاته لا تناسب سوق العمل وفي هذه الحالة تأخذ المساعدة طبيعة استثمارية أكثر بمعنى أنه يمنح الدعم التعليمي والنفسي لتجاوز وضعه الحالي ويرتقي لمؤهلات ومهارات سوق العمل لكي يتحول من عبء إلى إضافة وحدة إنتاجية جديدة في المجتمع ويكون قد انتقل من الفقر إلى الطبقة الوسطى حتى لو كان أدنى الطبقة الوسطى.
في هذه الحالة تحول إنفاق دولته له إلى استثمار لأنه تحول من عبء وطاقة معطلة إلى منتج ومستهلك ويأخذ هذا الدعم طبيعة جادة، بمعنى أنه لا بد أنه يثبت جديته ورغبته في التعليم والتطور ويكون هناك متابعة لوضعه، وقد يقطع الدعم في حالة تهاون في حالة عدم وفائه، من جهة أخرى يوجد صعوبات لتجاوز الفقر وهنا يأتي الدور النفسي حيث إن البيئة المحيطه به لاتدفعه للتقدم وفي بعض الدول تكون الأحياء الفقيرة مراكز للإجرام وتجنيد الفقراء لذلك.
أخيراً لا يمكن فصل النمو الاقتصادي عن الوعي الاجتماعي ويوجد من هم في مجتمعي من كان يستوعب هذه المفاهيم الراقية مثل المرحوم الشيخ عبدالعزيز الموسى حيث ذكر لي أحد أبنائه بأنه كان قد شدد على تعليم أبناء الأسر الفقيرة التي كان يساعدها رحمه الله، لأن من حق الفقير أن يتطور ويتجاوز فقره، أنا لا أستغرب وجود الفقر في أغنى المجتمعات لكني أستغرب أنه لا ينكمش في حالات الرخاء و كذلك لا يرتقي المستوى التعليمي، باختصار لا بد من تشريح المجتمع الفقير لأننا محرومون من مشاركته الاقتصادية كمستهلك وهو أيضاً يعيش الحرمان المر.
الموضع ليس مستحيلاً أورومانسياً بل حقيقة موجودة في دول أوربا الغربية (مع مراعاة الاختلاف الاقتصادي) لكن لا يمكن أن تجد أسرة فقيرة هناك، صحيح توجد عائلات تنال إعانات بسبب كونهم عاطلين عن العمل لكن فور تسني الفرصة الوظيفية المناسبة يزول الدعم بعكسنا نحن سواء في الكساد أوالرخاء فالرقم ثابت وللأسف يزيد في الكساد أكثر والمال والحمد لله موجود ويمنح للفقراء لكن المطلوب شيء من التنظيم والتحليل لهذه القضية
نقلا عن الرياض