قابلت الشيخ الجليل عبدالرحمن السميط -رحمه الله- عندما دعوته إلى حائل قبل بضع سنوات لاستعراض تجربته المتفردة في مجال الدعوة إلى الله وخدمة المسلمين في مجاهل أفريقيا. قدم الرجل تجربة فريدة ومغايرة لأنها لم تكن قائمة على الميكروفونات والخطب النارية، ومع ذلك أسلم على يديه أكثر من 11 مليون شخص.ينبغي أن تدخل هذه التجرة في صلب مناهج الدعوة لأنها تجربة تقوم على العمل والمشاركة والتضحيات من الداعية الذي لم يكن همه سعة انتشاره، أو عدد التغريدات في حسابه.نجح الرجل لأنه قام بالعمل أولا والعمل ثانيا والعمل ثالثا، وقدم لائحة سلوكياته وتضحياته عربونا لأقواله، فالدعوة إلى الله لم تكن يوما ميكروفونات أو مزايدات أو شكلانيات وإنما نية صادقة وعمل خالص.أسلم على يديه كل هذا العدد لأنه لم يكن في حسابه تكفير أخيه أو المزايدة على ابن عمه وبدلا من ذلك عاش مع الفقراء وشاركهم بؤسهم وسعى لخدمتهم في قراهم 11 شهرا في العام.نجح الرجل ليس لكونه داعية مفوها أو خطيبا لا يشق له غبار، أو مغردا من فئة الملايين وإنما لكونه خالف أدبيات الدعوة التي انتشرت خلافا لما كان عليه أسلافنا الكبار وسعى لتقديم النموذج وخدمة الناس فيما ينفعهم فساهم في بناء 4 جامعات و800 مدرسة و5700 مسجد وكفل 15.000 يتيم وحفر 9 ملايين بئر تاركا الخطب والمنابر لغيره.قال لي في ذلك الوقت إنه كان يرفع السماعة على الشيخ جابر الصباح من أي قرية وفي أي وقت يطلب منه إرسال طائرة أو طائرتين لتصلا في اليوم التالي وكل ذلك كان لا ينشر ولا يذاع.أعزاءنا الكرام:العمل الإنساني الرفيع هو طريقنا في الدعوة إلى الله وهو ما يحتم استحضار هذه التجربة التي تقوم لأول مرة على الفعل بدلا من الكلام.
نقلا عن عكاظ
