غداً الثلاثاء سينطلق معرضٌ دولي للكتاب,هذا الخبر سيبدو خبراً طبيعياً ومفرحاً في كل مكانٍ في الدنيا,ولكن حينما نضيف له كلمةً واحدةً ليصبح كالتالي:غداً سينطلق معرض الرياض الدولي للكتاب فسيفقد هذا الخبر ماهيته الطبيعية والمفرحة وسيتحول إلى معركة داحس والغبراء بين التيارات السعودية المختلفة.هذه الخاصية العجيبة التي تظهر بها أنشطتنا الثقافية والتي تشعر المتابع الذي لا يعرف أسرار الحكاية أنّ هذه الأنشطة ستغير الدنيا وستكون بمثابة الأمر الذي يفصل بين كونين!! فمن يزعم التنوير والإصلاح يحاول أن يجعل هذا المعرض بمثابة الحدث الذي سيقضي على الفساد والظلم والإرهاب والتطرف وسيوفر العدالة الاجتماعية ومناخ الحرية والحقوق وأنّنا سننتقل بعده مباشرةً إلى مجتمعٍ حضاري لا يختلف عن مجتمعات الدنيا الحديثة,بينما يزعم من يدعي التدين والفضيلة والذود عن حياض الشريعة أنّ هذا المعرض سيكون مرتعاً للفساد الأخلاقي والتلوث العقدي والغزو الفكري وأنّنا سنتحول بعده إلى مجتمعٍ منحّل لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً وسنفقد هويتنا العربية والإسلامية في غمضة عين!! والحقيقة أنّ هذا المعرض لا يتجاوز أن يكون معرض كتاب يزوره بعض الناس ليشتروا بعض الكتب إمّا للقراءة أو للتباهي بها,هذه هي الحكاية فلماذا هذه المعارك السخيفة والمخجلة؟
وليس معرض الكتاب هنا مقصوداً بذاته ليكون ساحة معركة بين التيارات المجتمعية,فهو وغيره من الأنشطة يتم استخدامها من قبل التيارات المختلفة كفرصةٍ للصراع وليس كسببٍ له مهما حاول الجميع جعل ذلك هو السبب,فالتيار الذي كان يستأثر بالمجتمع طوال العقود الماضية شعر أنّ المجتمع بدأ في تجاوز أفكاره البالية وأنّ نجوماً جدداً أخذوا في الظهور من أوساطٍ لا تتفق مع توجهاته التي ظل يسوّقها للناس ويأطرهم عليها,ونتيجةً لذلك أصبح بعض هذا التيار يحاول عرقلة كل حدثٍ لا يخرج من تحت عباءته ولا يسمح له بالتحكم فيه أو الوصاية عليه في أقل الأحوال, وهذه المحاولات تأخذ أشكالاً مختلفة بدايةً من مخاطبة الجهات الرسمية والسعي للحصول منها على أوامر المنع كما حدث في كثيرٍ من المنتديات والأنشطة,وفي حال عدم النجاح في الحصول على أوامر المنع ينتقل الاحتجاج إلى المنابر التي يسيطر عليها هذا التيار بشكلٍ منسقٍ ومنظم ليتولى كبار هذا التيار تشويه هذه الأنشطة بهدف تنفير الناس منها ومنعهم من الحضور والمشاركة,وحين تفشل هذه الجهود في ثني الناس عن خياراتهم ينتقل هذا التيار إلى خطته الأخيرة وهي غزوات الاحتساب والمناصحة المجانية التي أصبحت أحد معالم هذه المعارض والأنشطة، وقد هاتفني أحد الإخوة المنظمين لمعرض الرياض فكان أن اقترحت عليه تخصيص يومٍ واحد أو أكثر من أيام المعرض للاحتساب والمناصحة بدلاً من هذه الفوضى!! بالنسبة للطرف الآخر في هذا الصراع فقد كان من المستحيل أن يتخيل أنّه سيحظى بفرصةٍ لمناكفة التيار الأول وردّ بعض اللطمات له,ولكن بعد أن حدثت أحداث سبتمبر وما تلاها من أحداث موجة الإرهاب فقد خسر التيار الأول كثيراً من التأييد المطلق الذي كان يحظى به من الجهات الرسمية والمجتمعية المغلوبة على أمرها,وقد رأى أصحاب التيار التنويري والتحديثي أنّ هذا وقتهم فبادروا بالهجوم على أنشطة التيار الآخر ومخيماته وحاولوا ربط كثيرٍ من هذه الأنشطة بالعمليات الإرهابية وقد أصابوا في كثيرٍ من الأمور وأخطأوا في كثيرٍ منها كذلك,وكان أبرز أدواتهم في مواجهة خصومهم هو التعبير عن أنفسهم بالكتابة وتناول الشأن العام وهموم الناس وقد نجحوا في منافسة نجوم الكاسيت من التيار الأول وأزاحوهم في أحيان كثيرةٍ عن مقدمة اهتمام الناس,وقد حاول كثيرٌ منهم أن يخلط الحابل بالنابل في تصنيف نجوم التيار الأول وأخذهم بتهمة المشاركة أو السكوت عن بعض الأعمال الإرهابية وقد نجحت بعض تلك المحاولات قبل أن يتنبه نجوم التيار الأول إلى الخديعة لينفي عن نفسه وتياره التهمة,ومنذ ذلك الوقت وكل تيارٍ يتحين الفرصة المناسبة ليخوض ما يعتقد أنّه معركةٌ فاصلةٌ مع خصمه,وهكذا أصبحت معارض الكتاب والمنتديات الاقتصادية ومهرجانات السياحة وجميع أنشطة الترفيه هي الفرصة التي ينتهزها التيار الأول ليسترد شيئاً من مفقوداته,بينما أصبحت المناشط الدعوية والخطب والفتاوى هي فرصة التيار الآخر التي لا يجب التفريط فيها لتثبيت بعض المكاسب والتأكد من عدم خسارة مساحاتٍ جديدة,هذه هي بعض خفايا هذه الصراعات المخجلة أمّا بقية هذه الخفايا فلا يمكن الحديث عنها الآن، وينبغي التأكيد هنا أنّ معرض الكتاب ليس سبباً للصراع وإنّما هو ميدان للمعركة فقط,وربما نستطيع توقع بعض الأحداث التي ستصاحب هذا المعرض في الأيام المقبلة وسأحتفظ بتوقعاتي لنفسي وربما يستطيع القارئ الكريم معرفة بعضها إذا تأمل مقولة انشتاين المعروفة:
الحماقة الكبرى أن تفعل الشيء مرةً بعد أخرى وتتوقع نتائج مختلفة!!!
نقلا عن البلاد السعودية
- السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها
- كشف جديد للغاز في حقل هديبة في الشارقة
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
معرض الكتاب .. لماذا يتصارعون؟
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/70712.html