مع أنني لم أحضر مؤتمر المثقفين السعوديين الثاني، الذي عقد في الرياض خلال الفترة الماضية، إلا أنني تابعت ما كتب عنه من خلال الصحف، واستوقفتني ورقة الدكتور عبد الله الجاسر نائب وزير الإعلام بشأن استراتيجية التنمية الثقافية التي قدمت خلال المؤتمر. واستثارت في ذهني تساؤلات بشأن التنمية الوطنية بشكل عام وعلاقة الثقافة والتنمية الثقافية بشكل خاص في التنمية العامة.
بالوقوف عند بعض ما ورد في ورقته بشأن الثقافة، نجد تأكيده على أن الثقافة ظاهرة إنسانية تعبر عن إنجاز تراكمي متنام ومتجدد يتفاعل مع الواقع المعاش ويستشرف المستقبل، وأن كل أمة تؤمن بمفاهيم ثقافية خاصة بها، وبالتالي فإن وزارته تسعى إلى ترسيخ مفاهيم ثقافية مختلفة في مجالات فكرية واجتماعية وسياسية. وأردف نائب الوزير قائلاً إنه لا يمكن فصل الثقافة عن منظومة التنمية الشاملة للبلاد، فالثقافة وسيلة للحوار بين الحضارات والثقافات الإنسانية، وهي في الوقت نفسه أداة تعمل على تنمية المجتمع وتوسيع اهتماماته ومداركه في الأدب والفنون المختلفة التي تلامس قضايانا وهمومنا وتعمل على تشكيل شخصية الإنسان السعودي ورؤيته للعالم.
مع إدراكي أن التنمية المحلية لا يمكن عزلها عن محيطها الإقليمي وكذلك العالمي، إلا أن لكل مجتمع مقوماته وأسسه، وله مشكلاته التنموية الخاصة به، لذا لا يمكن فصل مكونات الثقافة التي يراد بثها في المجتمع عن الواقع التنموي والاجتماعي، لذا تساءلت وأنا أقرأ ما ورد من مقتطفات بشأن الورقة: هل لدى الوزارة أو لدى أحد منا نحن أبناء المجتمع، تصور بشأن مكونات الثقافة التي نتطلع إليها والتي يفترض أن نوجه لها جهودنا وأنشطتنا؟ وبمعنى آخر هل نتعامل مع مفهوم الثقافة بصورة شمولية أم أننا نطبق مبدأ الأولويات في اختياراتنا الثقافية؟ وذلك بناء على ما نعتقد أو نتأكد من خدمته وتكامله مع عناصر التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لو أخذنا - على سبيل المثال لا الحصر - الدور الذي تلعبه الثقافة في تهذيب السلوك وصقله خاصة في الميادين والأماكن العامة والأسواق وأماكن العمل، ما الذي يمكن أن تحققه الثقافة في هذا المجال؟ وما مقدار ما حققناه من أهداف من خلال الثقافة وقنواتها المختلفة؟ لا شك أن الحكم العام غير ممكن لكن طمعنا في المزيد يجعلنا نتساءل بشأن نجاحاتنا وإخفاقاتنا حتى نعيد النظر في الاستراتيجية والأدوات المستخدمة لتنفيذها أو الإمكانات المتوافرة من أجل تحقيقها.
ما من شك أن كثيرا منا قد يكون لفت انتباهه موقف من المواقف التي آلمته، خاصة حين يرى المرء الاستهانة بالمرافق العامة، ويتساءل وقتها: هل للثقافة دور فيما حدث من تصرف غير حميد أقدم عليه فرد وعلى مرأى من الناس ودونما خجل أو وجل من أحد؟
تنمية الذوق الرفيع عند التعامل أو في الاختيارات أمر أعتقد أنه يقع في صميم الثقافة، لذا من حقنا أن نقيم مشوارنا الثقافي في منظومته الكاملة بدءاً من الوزارة ومروراً بوسائل الإعلام بكل أنواعها، إضافة إلى الأندية الأدبية التي تعتبر من ركائز الثقافة في المجتمع.
نقلا عن الاقتصادية