يقول الجاحظ عن العرب ما معناه: إنهم لا يعرفون الادخار وإنهم أبناء ساعتهم فإذا أمرعوا أسرفوا في البذل والإنفاق، وإذا شحت عليهم السماء ضجروا من الشدةوالجوع
ونحن في الخليج أبناء أولئك الذين وصفهم الجاحظ في الزمان الأول، وقد أمرعت مرابعنا منذ أول نطفة خرجت من الزيت، وتدفقت في أرضنا المباركة بفضل اعلينا ومعرفة وعلوم قوم غيرنا، فنعمنا بالخير الوفير الذي كان لنا غيثا كما كانت السماء تمطر الغيث على أجدادنا، وبذلنا وزدنا في البذل، وأنفقنا وزدنا في النفقة.
واستمررنا على الإنفاق والبذل مما أفاء ا علينا، حتى فتحت شهية البذل والإنفاق الرغبة في التكاثر والامتلاك والتفاخر بما نملك مما تجود به مصانع العالموتدفعه إلينا.
وأصابنا حب الاستهلاك واعتدنا عليه، وأصبح التوسع في الامتلاك لما لا نحتاج إليه وما ليس من ضرورات الحياة ولا من لوازمها عادة ترسخت في طبيعة الأجيالالمعاصرة، وسلوكا لم يستطع كثيرون منهم التوقف عنه ولا الامتناع منه، وطبقوا المثل الشعبي «أنفق ما في الجيب يأتك ما في الغيب»، هذه العادة غير الحميدة
والبذل في غير موضعه وفي غير حاجة إليه جعلتنا لم نعد نحتمل الشح ونتكيف معه كما كان أسلافنا يتحملون ويتكيفون من قبل، وإذا حدث شيء من الشحجزعنا ولم نستطع تحمل الصدمات التي قد تأتي بين فينة وأخرى، وعندما يحدث شيء من النقص أو الطوارئ كما هو حادث هذه الأيام يكون الجزع شديداوالتحمل قليلا.
في الأسابيع الماضية واجهنا وزير المالية بوصف ما نحن فيه وما نواجه من أزمة مالية قاسية ليست علينا فحسب ولكنها على العالم كله، ونحن جزء منه، وكانالوزير قد بين لنا المخاطر التي تنتظر الاقتصاد وأن آخر الطب الكي، والكي عنده هو النظر والتدبير، ومن النظر والتدبير الذي لا بد منه رفع القيمة المضافة وماسوف يتلوها من تدابير أخرى، لا نستطيع أن نتنبأ بها في المستقبل، ولا ندري كيف تكون، ولا أريد الحديث عما تفعله وزارة المالية ولا تدبيرها فذلك شأنها، ولكننيأحمد للوزير صراحته ووضوحه وبيان ما عنده حتى نكون على علم بما يمكن أن يحدث.
والحديث سيكون عن تدابيرنا نحن المواطنين، وكل على نفسه بصيرة، ومن البصيرة حسن التدبير لمواردنا أفرادا، وضبط حاجاتنا الضرورية وأولوياتنا في الإنفاقلما نحتاج ولما لا بد منه، والتخفيف من الإنفاق المعهود على غير الضروريات.والاستغناء عن الكماليات التي تعودنا عليها وألفها الناس في حال السعة والوفرة، هذه الكماليات التي لا تدعو الضرورة لها، وهي في حقيقتها هدر بلا وعي لدخلالأفراد وضرر على الاقتصاد للفرد وللمجتمع، ومع ذلك فعسى أن تكون هذه الأزمة التي تمر بها دول الخليج خاصة والعالم عامة سببا في التخلي عن الإنفاق والهدر
الذي أحدثته الطفرة في العقود الماضية والوفرة التي أصبحت في أيدي الناس، فأغرت كثيرا منهم بالصرف في أشياء لا يلزم منها غير عادة الإنفاق والاطمئنان إلىاستمرار التدفقات المالية في أيدي القادرين.
وحتى يعي الجميع الدرس الذي نمر به ويمر به العالم يجب أن يكون للادخار نصيب مما يحصلون عليه من مال، وأن نتعود عادة الادخار بدل عادة الاستهلاك، ونأخذبقول الحكيم الذي وصف لنا صفة متميزة في طرق الكسب المشروع وحسن التنمية والتدبير فقال ونحن معه نقول:
االعزل المنزليوتدبير القليل يزيد فيهولا يغني الكثير مع الفساد.
ومن حسن التدبير أن يفكر الإنسان طويلا في دخله ويضع بنودا لما يجب صرفه، ويمنع نفسه عما لا يحتاج إليه حتى وإن طمحت إليه، أو أجبرته عادته على اقتناءبعض ما يود أن يقتنيه، وحتى لو استطاع اليوم فقد لا يكون ذلك في استطاعته غدا.
نقلا عن مكة
- مصرية حامل بـ9 أجنة
- انتخاب القانونية الكينية فيبي أوكوا قاضية بمحكمة العدل الدولية
- الإحرام الأبرد”.. ابتكار سعودي مزود بخاصية تبريد عالية الأداء
- وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج
- مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك
- روسيا تطلق أول جهاز محمول لتحليل الحمض النووي في المنزل
- لماذا دخل الشرع البيت الأبيض من الباب الجانبي؟لأنها زيارة خاصة لا رسمية
- عالم مصري يبتكر ضوءا لا يخترق
- علماء روس يبتكرون عدسة نانوية قادرة على تغيير مستقبل الطب الحديث
- بعد النفط.. السعودية أكبر مُصدِّر للبيانات في العالم
د مرزوق بن تنباك

التدبير خير من التنظير
Permanent link to this article: https://www.alwakad.net/articles/1936693.html
