كل تطور عظیم نشھده الیوم من اختراعات وتكنولوجیا وتقدم طبي وصناعي بدأ بفكرة طرأت على
دماغ الإنسان لیحلم بھا ویتمناھا، ولكن ھناك من دفع بھا من حیز الحلم إلى حیز الحقیقة، كل ذلك ھو
من صنع الجامعات ومراكز الدراسات البحثیة، ھذه الجامعات ھي المطبخ الحقیقي یعد فیھا الطھاة
أطباقھم العلمیة، والزبائن ینتظرون في الخارج متراصین في صفوف من رجال أعمال وتجار وشركات
یتلقفون صحون الاختراعات الجدیدة واللذیذة، ویفعلون أدواتھم الریادیة والاستثماریة والتسویقیة
لیظھروا «طبختھم» للنور.
قبل سنوات قام مؤسس شركة مایكروسوفت «بیل جیتس» بتوبیخ الجامعات الأمریكیة قائلا لھم، إن ما
یأتیني من اختراعات من النمور الآسیویة أكثر وأجود منكم، یبدو أن الملیاردیر «بیل جتس» یقتات على ھذه الاختراعات، كان یقول لھم بلغة حادة
ھل تتوقعون بھذه الطریقة أن نحافظ على صدارتنا في النھضة الاقتصادیة؟ وفعلا ھا ھي الصین تتفوق ھذا العام بتسجیل أكبر براءات اختراع،مزیحة بذلك الولایات المتحدة عن عرش ظلت متربعة علیھ منذ إقامة تلك المنظومة قبل أكثر من 40 عاما.
ھؤلاء لا ینظرون للاختراعات كتصنیف یتباھون فیھ أمام الملأ، بل تعد ملكیة براءات الاختراع لدیھم مؤشرا مھما على قوة الدولة الاقتصادیة، ومدىخبرتھا في القطاع الصناعي، وخیر شاھد على ما نقول ھو عملاق الاتصالات الصیني شركة ھواوي التي سجلت أكبر عدد من براءات الاختراع للعامالثالث على التوالي.
قبل أیام حصلت جامعة الملك فھد للبترول والمعادن بالظھران على المركز الرابع في التصنیف العالمي للجامعات طبقا لعدد براءات الاختراعات لعام2019 .وذلك ضمن التقریر الذي أصدرتھ الأكادیمیة الوطنیة للمخترعین واتحاد أصحاب الملكیة الفكریة في الولایات المتحدة الأمریكیة.
في الحقیقة لیس غریبا على ھذه الجامعة ھذه المراكز المتقدمة، ففي عام 2018 حصلت على المركز الرابع، وفي 2017 حصلت على المركزالسادس، وفي 2015 حصلت على المركز الـ13 ،وفي 2011 حصلت على المركز الـ55.
الأسئلة المطروحة: ما ھذه الاختراعات؟ ومن أصحابھا؟ ولماذا لم تنشر عنھا تقاریر صحفیة حتى یطلع علیھا المواطن السعودي؟ الجامعة في ھذاالعام فقط بلغ عدد براءات الاختراع 225 براءة اختراع، لكننا لا نعرف عنھا شیئا سوى ھذه الأرقام! ھل ھذه الاختراعات تتعلق بالعمل الریاديالمرتبط بالسوق؟ ھل كل ھذه الاختراعات من 2011 وحتى 2020 مھیأة لتتحول لمنتج تجاري سعودي؟ أین ھي في شركات القطاع الخاص؟
أتفھم تماما السریة التي تتعاطى بھا الشركات المنتجة لھذه الاختراعات في الدول المتقدمة، وأنھا تعمل على تطویرھا بصورة مستمرة من خلالالبحث والتطویر، ولا یتم كشف أسرارھا إلا بعد سنوات من نزولھا في الأسواق وبعد حسابات دقیقة من حیث القدرة التنافسیة. أما نحن فلم نر شیئاعلى السطح!
وھنا أقولھا بكل صراحة، كل ھذه الاختراعات إذا لم تتحول إلى منتج لھ عائد اقتصادي ٍ مجد فإنھ لا یعدو عن كونھ مجرد فكرة یمكن تسجیلھا فيإدارة براءة الاختراع، والاحتفاظ بھا على شكل شھادة تحفظ في سجل الجامعة.
أما ما یذكره البعض بأن الجامعات وظیفتھا فقط إبراز براءات الاختراع وحفظ ملكیتھا الفكریة، فھو أمر غیر مستساغ منطقیا، فكل براءة اختراع منشروطھا أن تكون لھا قیمة مضافة.
أخیرا أقول: الجامعات ومراكزھا البحثیة ومذكرات التفاھم الخاصة بھا مع شركات القطاع الخاص تقع علیھا المسؤولیة في تتجیر الاختراعات، أيتحویلھا لمنتج ذي قیمة اقتصادیة لدعم اقتصادنا بما یتوافق مع رؤیة المملكة 2030 ،ولیس الحصول فقط على مراكز متقدمة في التصنیف.
نقلا عن الوطن