المتدبِّر في الفكر الاقتصادي يدرك أن النظرية الاقتصادية قد تكون نتاج إبداع فكري أو هي إسقاط علمي لممارسة واقعية تم تأطيرها نظرياً، وفي كلتا الحالتين تعبِّر النظرية الاقتصادية عن نهج علمي يسعى إلى بناء أنموذج فكري يمكن من خلاله فهم الواقع وتفسيره والبناء عليه لرسم سياسة واستراتيچية تتعامل مع المستقبل برؤية تحقق الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة للإنسان فوق هذه الأرض.
وما يجمع هذا الإدراك هو أن النظرية الاقتصادية تقوم على فكر الإنسان، هذا المخلوق الذي أودع الله عزَّ وجل فيه عقل يفكِّر، وبالتالي فهو مسؤول عنه وعن مسار تسييره. وهنا يختلف الناس في قدرتهم على استثمار هذا العقل.
وقراءة النظرية الاقتصادية لا تخلو من الجدل الذي يفرضه تباين أفكار الناس وتوجهاتهم الأيديولوچية، فالاقتصاد مدارس تقوم مناهجها وفق أيديولوچيات ساد منها قطبين، الرأسمالي والاشتراكي، تمكَّن الرأسمالي من الصمود طوال عقود طويلة وإن تداخلت معه بعض الأفكار التي لا ترى أن حرية السوق المطلقة قادرة على إيجاد التوازن المنشود في السوق في ظل المتغيرات التقنية المتسارعة والتي أعادت تشكيل مفهوم السوق برمته.
ويدرك الاقتصادي الحاذق هذه الحقيقة، لذلك تجد لديه نزعة لمراجعة فكره وتطويعه، بحيث يكون قادراً على التعامل بذكاء مع هذه المتغيرات، فيراجع نفسه ليصل إلى نظرية أكثر ملاءمة للواقع الجديد الذي فرض نفسه وتحفَّظ على الاقتصاد التقليدي ليقدم الاقتصاد الجديد الذي تمكَّن من التعامل مع المتغيرات التقنية المتسارعة ليُبقي عالم الاقتصاد في مكانته الطبيعية أمام بقية العلوم الاجتماعية.
مراجعة الاقتصادي لنفسه ليست جديدة، بل تذخر أدبيات علم الاقتصاد بمراجعات أكاديمية قدمت أنموذجاً راقياً للحوار العلمي الهادف، وانتهت إلى بناء معرفي متكامل استطاع أن يتجاوز الاختلافات الفكرية ليصل إلى كلمة سواء تؤكد قدرة علم الاقتصاد على أن يكون علماً فاعلاً في زمن عرف الناس فيه أن البعد عنه يدخلهم إلى متاهات تسود فيها المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وهي التي ينشدها الفكر الاقتصادي ابتداءً.
ومن السجالات الفكرية التي تعكس هذا الرُّقي في البعد العلمي، تلك التي مرت بها محاولات تأطير العلاقة بين معدلات البطالة والتضخم في المجتمع عندما يتم رسم سياسات التنمية التي تهدف إلى خلق مناخٍ مواتٍ لبناء اقتصادٍ قادرٍ على استثمار الموارد المتاحة وخلق مجتمعٍ منتجٍ يخلق فرص الاستثمار والتوظيف، ويحقق رفاه المواطنين، وهو ما يعني البعد عن شبحي البطالة والتضخم اللذان ينهشان جسد كل اقتصاد.
——-
- الجزائر وقطر توقعان اتفاقية لإنتاج الحليب المجفف بتكلفة تفوق 3.5 مليار دولار
- تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي
- الورد يستهدف إنتاج ملياري وردة بحلول 2026م
- الجامعة الإسلامية بالمدينة تنظم “مهرجان الثقافات والشعوب” الثاني عشر
- اكتشاف 454 كويكبا جديدا في النظام الشمسي
- اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية تعقد اجتماعها التاسع في الجيومكانية
- توسعة وتطوير مطار الأحساء الدولي ومطار الرس
- المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته الـ 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14
- الأعلى للثقافة يستضيف جائزة الشارقة للإبداع العربي – الإصدار الأول في الدورة (27) العام 2024
- الصندوق السعودي للتنمية يوقّع اتفاقية تنموية لدعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة بسلطنة عمان
دعبد العزيز اسماعيل داغستاني
مرونة الفكر الاقتصادي
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/1942320.html