أسماء المحمد
ليس الجديد اكتشاف أن هناك من يتخصص في توسل النجومية عبر متاجرته بالدين، ويمتد ذلك التوسل لغاية تحقيق مصالح لا حدود لها أو لتوقعها، هذا وأمثاله عرفهم التاريخ بطوله وعرضه، الجديد أن خطواتهم أصبح لها ارتباط وثيق بكمية التحريض المهولة التي تعبر عن تعطش للبطش، مستعينين بأسلوب الحقن اللغوي في أوعية وأقنية التلقي، على أن المتلقي تجاوزهم بمراحل ومنسوب الذكاء ودقة الاكتشاف لديه أصبحت تتخطاهم.
أزمتنا مع المتاجرة بالدين ليست مع شخص بعينه أو فكر محدد، هناك سمات وخصائص تعد قواسم مشتركة، تختلف الأطياف والأسماء وتظل هذه القواسم وأهمها المراوغة والتشدد والتزمت والأنا المتضخمة بمشاعر امتلاك الحقيقة، أما الاستماتة في تشويه الآخر والشخصنة فهي ملاذ آمن يختبئون بفكرهم خلفه بدلا من مقارعة الحجة بالحجة.. أو طرح ذوات متميزة بمنتجها أيا كان نوعه بحيث يشاركون في التمايز بدلا من الاستعانة بوسائل تسويقية للذات تسيء إليهم وتفقدهم رصيد النجومية الذي سينخفض بانكشافهم؛ لأنهم يستمدون رسوخ ملامحهم من خلال معارك وهمية يفتعلونها تتمحور حول الدين وفكرة حمايته على أساس أنهم هم فقط المعنيون بالدفاع عنه.
ملامحهم تغيرت عندما تغير الزمن الذي قاوموه والتحولات البصرية بما فيها الصورة الحية والفوتوغرافية بعد طول رفض لها وتعبئة ضدها حاجتهم الماسة للنجومية تستدعي خضوعهم لشروط المرحلة.. تغيرت ملامحهم ما دامت ستمنحهم القدرة للتوغل في الوعي الجمعي المتعطش لإرواء شهوة البطش بالمختلف معه.!(ولا أعمم الوعي الجمعي يعني شريحة غير مقدور على تحديدها عدديا توافقهم وتؤيد وتبارك ويحاولون إرواء تعطشها في المقابل تكسبا ومزايدة وليس تدينا وحرصا على الدين).
أهم مطاياهم (الدين) الذي يتعاملون معه على أنه قابل للاختطاف في حالة من التناقض يقدمون ذواتهم على أنهم سدنة لما يمكن اختطافه بكلمة أو أطروحة أو مقالة أو منتج أدبي.. لأنه يختلف معهم في وجهة نظرهم وأدواتهم التحريض والتهويل والعزف الممل على أوتار تدين المجتمع وحبه لعمل الخير؛ ولأن يحظى بأقصى درجات المثالية من خلال مظاهر التدين التي يبحث عنها باستماتة.
لا يوجد أقبح من امتطاء المتوسلين بالضوء والنجومية للدين واستغلال المناسبات والمبادرات للتعليق عليها والإفتاء حولها وحتى الأموات ومن يختلف مع فكرهم يستبيحونه بصورة لا مروءة فيها ولا نبل، ولعل أبرز أعدائهم مؤخرا من يحملون الفكر التنموي على محمل الجد وأعتقد أنهم بحاجة ماسة لتفكيك غموض هذا الفكر التنموي حتى نصل معهم إلى مرحلة القدرة على التحاور
نقلا عن عكاظ