كلية التربية للبنات النواة الأولى لنشأة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الحالية ظلت طوال العقود الأربعة الماضية منذ تأسيسها في مستهل التسعينات من القرن الهجري الماضي تسير على نمط سلوك سكان مدينة الرياض في تعدد انتقالهم من مقر إقامة إلى آخر ، حيث مارست هذه المؤسسة التعليمية نشاطها الأكاديمي ضمن ما يزيد على أربعة مقار خلال سني عمرها الماضية ، إلى أن استقر الحال بالكليات العلمية لهذه الجامعة الوليدة في صرح تنموي كبير هي المدينة الجامعية التي دشن خادم الحرمين الشريفين الأسبوع الماضي بدء العمل الأكاديمي في منشآتها ، بعد أن حظيت من مقامه الكريم حفظه الله بوضع حجر الأساس لانطلاق أعمال الإنشاء بها ، بل وبمتابعته المستمرة لخطوات تنفيذ مبانيها حتى رأت النور وتحققت الرؤية الأولى لهذه الجامعة الجديدة .
المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن تمتد على مساحة من الأرض تزيد عن الثمانية ملايين متر مربع ، وقد خطط للجامعة أن تستوعب أربعين ألف طالبة ، ضمن خمس عشرة كلية متعددة التخصصات الطبية والعلمية والإنسانية ، وهو ما يمثل استغلالاً منخفض الكثافة لأرض الجامعة ، حيث ان نصيب كل طالبة بموجب ذلك المعدل هو مائتي متر مربع تقريباً لكل طالبة موزعة بين منشآت إدارية وأكاديمية وسكنية وترفيهية وخدمية ، وهذه الكثافة المنخفضة لاستغلال أرض المدينة الجامعية إضافة للانتشار الموزع أفقياً لمنشآتها المتعددة ، حتمت على المصمم للجامعة ضرورة إيجاد نظام نقل واتصال أفقي ميسر بين هذه المنشآت ، فكان أن تمت صياغة هذا النظام في شبكة قطار كهربائي خفيف ذي عربات آلية مبرمجة برحلات متكررة على مدار الساعة ضمن مسار خط للركاب طوله أربعة عشر كيلومترا يغطي كافة عناصر المدينة الجامعية حتى لا تحتاج منسوبات الجامعة لوسيلة نقل أخرى داخل المدينة ، إلا أنه لا يعرف حتى الآن ما ستكون عليه كثافة الركاب في هذا النظام الداخلي للنقل على مدار ساعات العمل اليومي في الجامعة .
إن حركة الاتصال الأفقي وطبيعتها لما يزيد عن أربعين ألف فرد من الجهاز الإداري وأعضاء هيئة التدريس والطالبات داخل المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن يمثل أهمية أساسية في اختيار نوعية نظام النقل المناسب لها ، إلا أن ما يعتبر ذا أهمية أكبر هو نظام النقل الذي يربط هذه المدينة الجامعية ببقية أجزاء مدينة الرياض الأخرى ذات الصلة بها ، والتي ستكون هذه المدينة الجامعية وفقاً لنشاطها الأكاديمي عنصر استقطاب لما لا يقل عن ثلاثين ألف شخص من السكان الذين يقصدونها من أحياء مدينة الرياض المتعددة وربما من خارجها ذهاباً وإياباً في كل يوم .
لذا كم نتمنى لو تحظى محاور حركة النقل الرئيسية في مدينة الرياض بذات الدرجة من الاهتمام من قبل المعنيين بهذا الأمر في وزارة المالية ، وأن تنال في الجانب التمويلي تحديداً ذات القدر الذي حظي به نظام النقل في المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ، فحركة الانتقال عبر نظام نقل لأربعين ألف طالبة جامعية على مدى ثماني ساعات فقط خلال خمسة أيام من الأسبوع ، لن تتحقق كفاءته الوظيفية ما لم يتكامل مع نظام نقل أشمل يقل أكثر من أربعة ملايين ساكن في مدينة الرياض ، ينتقلون عبره على مدار اليوم ، وخلال كافة أيام الأسبوع .
نقلا عن الرياض