غدا أو بعد غد أو بعد أسبوع على الأكثر سوف يتوقف الناس عن مناقشة موضوع قيادة المرأة للسيارة، لن نحل المشكلة ولكننا سوف نخبئها تحت السجادة كما نفعل دائما، سوف تعلق القضية باعتبارها (قضية تافهة) لا تستحق كل هذا الجدل الساخن، حينها سوف يحتفل أناس كثيرون بالنصر المؤزر ويتملكهم الفخر لأن حياتهم لن يطرأ عليها أي جديد، من حقهم أن يشعروا بالطمأنينة لأنهم نجحوا في المحافظة على السكون إلى ما لا نهاية، ولكن من واجبهم أيضا أن يحلوا القضايا غير التافهة بعد أن رفضوا حل القضية التافهة.
الانحياز للسكون لا يلغي حقيقية أن البحر يتكون من قطرات صغيرة، ولو تجاهلنا كل قطرة باعتبار أنها (صغيرة وتافهة) سوف نكتشف في نهاية الأمر أننا تجاهلنا البحر بأكمله، كما أن منح كل قضية حيوية أبعادا سياسية أو طائفية والتعامل معها باعتبارها مقدمة للفتنة ليس إلا مجرد محاولة بائسة للهروب من النقاش الموضوعي، فالاستسلام لمخاوف شرائح اجتماعية معينة على حساب تطلعات بقية شرائح المجتمع سوف يصنع حاجزا خرافيا بيننا وبين المستقبل وسوف يدفعنا دائما للدوران حول بعضنا البعض دون أن نخطو خطوة حقيقية إلى الأمام.
لن أضيع وقتكم في الحديث عن فوائد وأضرار قيادة المرأة للسيارة لأنني اعتبر هذه المسألة حقا إنسانيا بغض النظر عن الفوائد والأضرار مثله مثل حق المرأة في التعليم والعمل، فكل شيء في هذه الدنيا له فوائده وأضراره، ولكنني أتمنى أن تساعدوني في البحث عن معارضي قيادة المرأة للسيارة لأنني أسمع جلبتهم ولا أستطيع تحديد أصواتهم، فقد تابعت بعض الآراء المعارضة لهذه المسألة فلم أجد في كتاباتهم شيئا عن موضوع قيادة المرأة للسيارة باستثناء العنوان، حيث ركز هؤلاء على الأخطار الخارجية والمخططات الإقليمية والتحركات الليبرالية المدروسة وتناسوا تماما الموضوع الأساسي الذي يتمحور حوله النقاش وهو (قيادة المرأة للسيارة)!.
ومن الأمثلة على ذلك بيان الشيخ محمد المنجد الذي بالغ كثيرا في الحديث عن الجهات الشريرة التي تقف وراء هذه المطالبات ولم يعبر عن رأيه الشرعي في مسألة قيادة المرأة للسيارة إلا من خلال سطر عابر في الربع الأخير من البيان حين قال: (إن استعمال المرأة للسيارة ليس حراما بحد ذاته، فلو قادت سيارتها في مزرعتها أو في فضاء ليس فيه إلا محارمها أو لا يوجد فيه أجانب فإنها لا تأثم بذلك).. وهذا يعني أننا نحتاج إلى إنشاء مدينة خاصة لكل امرأة كي تعيش حياتها الطبيعية!.
أما المعارضون (الإيجابيون) الذين لم ينشغلوا بمخططات أعداء الأمة فقد ركزوا على إيجاد البدائل لقيادة المرأة للسيارة مثل إنشاء شبكات حديثة للنقل داخل المدن وخارجها، وهي بلاشك مشاريع حيوية يحتاجها الوطن وليتهم يواصلون المطالبة بهذه البدائل في كل وقت كي لا نظن أن مطالبتهم بها مجرد محاولة ناعمة لإغلاق الملف المزعج!.
لقد فكرت أكثر من مرة في ماهية الخطأ الذي ارتكبته منال الشريف، فوجدت أن خطأها الأكبر يتلخص في محاولة تحريك الساكن.. وهذا بحد ذاته يعتبر أمرا مقلقا في عالم لا يطيق الحركة.
غدا أو بعد غد أو بعد أسبوع على الأكثر سوف ينسى الناس هذه (القضية التافهة) مثلما نسوا كل القضايا غير التافهة، فهنيئا لهم بهذا السكون.. ومن حقهم أن يستمتعوا بمعاقبة أنفسهم!.
نقلا عن عكاظ السعودية
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
- فوز باسم خندقجي بالبوكر هو انتصار لصوت الأحرار وللرواية الفلسطينية
- السعودية تستضيف النسخة الـ28 لمؤتمر الاستثمار العالمي في نوفمبر القادم
من يحل القضايا غير التافهة ؟ قيادة المراة مثالا
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/58732.html