أين عقلاء الأمة.. أين ساستها ومفكروها.. أين أهل الحكمة والموعظة.. أين العلماء ورجال الدين.. أين شباب ثورتها؟!. الوطن في خطر.. ألم تشعروا بعد نذر الكارثة.. هل ما زلتم تعتقدون ان ما يحدث ما زال في نطاق الأحداث الطبيعية؟!. ما يحدث الآن لا يهدد ثورة مصر فقط، ولكنه يهدد الوطن أجمع.. لنكون بلدا ضعيفا واهناً، بدلا من قوي ناهض.. لنكون لقمة سائغة لكل مطمع، بدلا من جدار صد وسند لأنفسنا والعرب والمسلمين.. أكبر الحرائق تبدأ من مستصغر الشرر، وما يحدث ينذر بحرائق تأكل الأخضر واليابس.. فماذا نحن فاعلون بأنفسنا؟!. هل يريد البعض منا - أو من خارجنا - أن يري ابتسامة مبارك الساخرة ونظرة »الشماتة« لأننا لم نصبر كما قال قبل التنحي علي استمراره في الحكم لحين انتهاء فترة ولايته خوفا من الفوضي والانفلات الأمني وعدم الاستقرار؟!.
لا نريد هذا لمصر.. ولا نريد أن تصدق نبوءة الرئيس المخلوع.. وأبناء مصر وعقلاؤها قادرون علي حمايتها وإنقاذها والوصول بها إلي بر الأمان.. ولكن القلق يداهم الجميع من اختلاف الرؤية والأهداف... ولنتأمل بنظرة بسيطة شعارات مليونية الأمس، لنعرف كم تفرقنا إلي نحل وجماعات.. واختلفنا في المطالب والتوجهات.. وتنازعنا علي العاجل والأولويات.. وتطاولنا علي من يجب أن نمدحهم، ومدحنا من يجب أن ننبههم إلي الخطر القادم. وحتي المسميات.. مليونية مصر أولا.. جمعة الاستقرار والوحدة.. جمعة لم الشمل.. مظاهرات الهوية والاستقرار.. جمعة وحدة الصف.. مليونية التطهير والهوية.. مليونية التوافق.. مليونية الإرادة الشعبية.. جمعة فرض الإرادة الشعبية.. جمعة الهدنة.. مليونية رفض المواد فوق الدستورية.. جمعة الشريعة.. جمعة الشرعية والاستقرار.. جمعة الشرعية الثورية.. مليونية دعم المجلس العسكري.. مليونية رفض الوقيعة بين الجيش والشعب.
ما كل هذا الخلاف والاختلاف.. تيارات الإسلام السياسي فرق وجماعات شتي.. الأحزاب لم تتفق علي موقف.. ائتلافات شباب الثورة في اختلافات شكلية وجوهرية.. الجميع وطنيون وغيورون علي الثورة والبلد.. ولكننا بهذا الوضع نفقد بوصلة الاتجاه الصحيح، وخطة الطريق.. وتضيع الأهداف.. للثورة مطالب عاجلةوأهداف كبيرة، فلا تجعلوا الخلافات تقتل الأهداف.. وتهدد بفتنة تدمر كل شيء.. مطالب الجميع.. محاكمات عاجلة لمبارك ورموز نظامه ممن قتلوا الثوار وأفسدوا الحياة، وأذاقوا الشعب طعم المر. وتطهير حياتنا من بقايا الحزب الوطني.. وإلغاء المحاكمات العسكرية وغيرها من المطالب الآنية للثورة.. لا ننسي أن هذه هي البداية لتحقيق الأهداف من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية وحياة ديمقراطية سليمة. مبادئ أساسية لمصر التي نريدها جميعا.. لا يموت فيها مواطنون من الفقر، وقلة تموت من التخمة.. لا نريد قانونا سيفا مصلتا علي الفقير.. ويدوس عليه الغني وصاحب الحظوة بالنعال. نريد مصر القوية القادرة اقتصاديا وعلميا.
هكذا.. مصر التي يريدها الجميع، مهما اختلفت المذاهب والآراء.. لا تخوين ولا تكفير ولا إقصاء.. الكل مصريون، والجميع وطنيون، شعباً وحكومة وجيش مصر العظيم بمجلسه العسكري حامي الثورة وشريك الشعب فيها، الذي يتولي مسئوليته التاريخية متحملا بصبر العبور بمصر إلي بر الأمان.. والتحدي أمامنا اليوم.. التوحد وعدم المزايدة علي أحد فمصلحة مصر الأعلي والأولي والأخيرة.. دون أغراض أشخاص أو مصالح تيارات وأحزاب.. فالوطنية ليست حكراً علي أحد، ولا صفة يتفرد بها من أصبحوا ضيوفاً دائمين علي القنوات اشلفضائية وحوارات الصحف.. أصبح الجميع ثوارا انفكت أغلالهم، وأخذوا ينظرون ويخططون ويتوعدون ويهددون وينذرون.. كل منهم امتلك ناصية المعرفة والوطنية والرأي السديد.. والآخرون مغرضون أو لا يفهمون. وهذه هي الطامة الكبري.. يجب ألا يزايد أحد علي غيره في الوطنية والخوف علي بلده.. جميل أن يبدي أي شخص رأيه أو يعبر عن آماله وطموحاته لنفسه أو لحزبه أو تياره السياسي أو الديني. ولكن يجب ألا ينسوا أو يتناسوا ان هذا حق للجميع. وإذا لم يتم تنفيذ ما يراه، فليس معناه أن الحكومة متواطئة، والمجلس العسكري مقصر.. الخطر الذي نحن فيه وبدأت بشائره طوال الأسبوع الماضي، خلافات علي مسميات الجمعة.. محاولات البعض أن يزيح الجميع من الساحة، أو الانفراد بالرأي وتوجيه الاتهامات للآخرين.. لا يحق لأي فصيل أو تيار التحدث باسم الشعب أو فرض الوصاية، نريد أن تكون الكلمة العليا للشعب دون وصاية حتي لو كانت من المجلس العسكري.. فالواقع يؤكد ان المجلس لا يفرض وصايته ولكنه سياج لحماية الثورة والشعب والبلد. الثورة المصرية أشعلها شباب مصر، واحتضنها الشعب، وساندها وحافظ عليها وانحاز إليها ونصرها المجلس العسكري. وأي بديل يمكن أن يتحمل المسئولية حتي تسليم أمانة قيادة الدولة لرئيس وبرلمان منتخب من الشعب.
يا عقلاء الأمة.. اعتصموا.. قوي الشر تحاول إجهاض الثورة.. ونشر الفوضي وتسعي لانهيار أمة، بدأت بوادره تلوح في الأفق!.
نقلا عن اخبار اليوم المصرية