لفت نظري في اللائحة التنفيذية للأحوال المدنية التي بدأت الأحوال تطبيقها في الأول من رمضان عدد من القضايا الايجابية المتعلقة بالنساء التي نأمل أن تكون مدخلًا أو انفراجة للكثير من القضايا الاجتماعية المعلقة , أو تلك المتصلة بالوضع الرسمي للمواطنة على مستوى الأوراق الثبوتية , وبالتحديد فيما يتعلق باستقلاليتها كمواطنة دون وصاية . ولاسيما أن المرأة لدينا ظلت لفترات طويلة تعاني من أزمة هوية , أو مانستطيع أن نسميه حصار( المواطنة المنتقصة) المكبلة داخل المعرف أو ولي الأمر أو الوكيل الشرعي.
وعلى سبيل المثال ظلت قضية بطاقة المرأة تراوح كثيراً بين عدد من الجهات قبل أن ترى النور, ولعل الدافع الأمني هو الذي سرّع من وتيرة ظهورها , وظل الجانب الاجتماعي كالعادة لا يظهر اهتماما أو دعما لهذه القضية واستمر في مواقفه السلبية العاجزة عن التأثير في القرارات أو دفعها باتجاه معين .
لكن الومضات الايجابية في اللائحة التنفيذية الجديدة تتبدى من خلال السماح للمرأة بتسجيل مولودها , والسماح لها أيضا بتعديل حالتها الاجتماعية مع الحصول على صورة من القيود المسجلة في الأحوال المدنية المتعلقة بها أو بأصولها أو بأولادها، أو حتى بزوجها وجميعنا يعرف بأن هذه القضايا لطالما شكلت معضلة اجتماعية للمطلقات وأبنائهن .
ولكن السؤال هنا هل تضمنت اللائحة شروطاً جزائية ضد من يخفي معلومات أو يحجبها رسميا في مايتعلق بعقود الزواج؟
لاسيما أن لدينا شكلَ زواج مشرّع ومباح (زواج المسيار) وهو في أصله قائم على السرية والكتمان , وجميعنا شهدنا مأسي متعددة نتجت عن هذا الزواج الغريب الذي يرفض بعض الرجال فيه التبليغ عن واقعة الزواج أو الولادة ,وقد يصل بعض الأطفال إلى سن المدرسة دون أن يمتلكوا أوراقا رسمية تمكنهم الالتحاق بها!
وهل توجد عقوبات لمنع الكثير من الممارسات التي تمتهن ضعف النساء أو الأطفال أو قلة حيلتهن أو عدم الخبرة بالشؤون القانونية أو الرسمية ؟
أيضا ضمن اللائحة هناك المادة التاسعة التي تشير إلى (أن دفتر العائلة وثيقة إثبات لأفراد الأسرة المضافين به , أما رب الأسرة فالإثبات له هو الهوية الوطنية الخاصة به .
لكن المرأة أيضا لديها بطاقة أو (هوية وطنية) , فإذا كانت اللائحة التنفيذية الجديدة تشير إلى انه بات بإمكان المرأة استخراج بطاقتها وتسجيل مولودها وتعديل حالتها الاجتماعية , فلمَ لايحق لها أيضا ممارسة كافة معاملاتها الرسمية في مختلف شؤون الحياة بشكل مستقل وتلقائي كشقيقها الرجل ؟
هذا إذا عرفنا أن الكثير من سيدات الأعمال مابرحن يعانين من شرط الوكيل الشرعي في المعاملات التجارية الذي لم يتضح دوره بعد بين وزارة التجارة وعدد من الجهات , ولكنه مؤشر على مواطنة تكابد حقوقا متدنية .
ولن أقول جديدا إذا ذكرت أن ثروة النساء السعوديات في البنوك هي 11مليار دولار أي بحجم ميزانية دولة صغيرة ولكنها مع الأسف معطلة ومعطل معها الكثير من الفرص التنموية .
المحصلة أن هناك مواطن شتى في اللوائح الرسمية مازالت تبخس حقوق المواطنة . فعلى سبيل المثال لا الحصر صعوبة تجنيس أبناء السعودية المتزوجة من أجنبي وعدم منحهم نفس الفرص التي هي للسعوديين من أمهات أجنبيات ولكن الأب سعودي .
وسيبقى زوج السعودية أجنبياً حتى لو كان أباً لمجموعة من أبناء السعودية , وبينما ستصبح الأجنبية سعودية بشكل تلقائي وبعد مولودها الأول !
وكما ذكرت في بداية المقال اللائحة التنفيذية هي مجرد انفراجة نتفاءل بها ومازالت قائمة المطالب طويلة..
نقلا عن الرياض