هذا ما شدد عليه قائد البلاد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التي ألقاها أمس في ختام أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، حيث قرر اعتباراً من الدورة القادمة لانتخابات مجالس البلدية، حق المرأة في أن ترشح نفسها لعضوية المجالس والحق أيضا في المشاركة في التصويت، كما سيتم تخصيص "كوتا" بالنسبة لكراسي يتم من خلالها تعيين المرأة عضوا في مجلس الشورى اعتبارا من الدورة القادمة، الأمر الذي يجب أن ننتبه له هنا كمواطنات من هذا البلد العظيم، ليس ما تقرر لأنه وعد وأوفى ـ حفظه الله، وهذا ليس بغريب عنه، فلقد حدثنا عن التغيير بخطى محسوبة ومدروسة، ونبهنا إلى أننا يجب أن نحسب ألف حساب لتحركاتنا كي لا ينتهي بنا الأمر أن نخطو خطوة إلى الأمام ونرجع عشرا إلى الخلف، المهم هنا رسالته إلينا كمواطنات حين قال: "إن التحديث المتوازن والمتفق مع قيمنا الإسلامية مطلب هام في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين والمترددين".
إنها مسؤولية الحدث وتأثيره تأثيرا مهما في تشكيل حياتنا العامة في المرحلة القادمة من تاريخ الوطن، فهنا يجب على الجميع أن ينطلقوا من بوتقة عدم الثقة بقدرات المرأة، الأمر الذي كان يشكل العائق الرئيس والذي كان يمنع تطبيق الكثير من تعيينات المرأة في الوظائف العامة والخاصة أيضا، أن نكون أنفسنا بكل ما نشكله من معلومات وخبرات وإرادة وحزم، وأن يكون لدينا الثقة الكافية بأنفسنا، بحيث نسمح لإنسانيتنا أن تظهر كأمر إيجابي لا ضعف إداري، وأن نكون على دراية تامة بنقاط الضعف لدينا كمعرفتنا بنقاط القوة، والحكمة والمعرفة، والقيادة الفاعلة منها القدرة على الاتصال والتواصل والإلهام والإبداع، وعليه يجب أن نتغلب على ثقافة الصمت التي طوقتنا من قبل، كنساء نحن قادة بطبعيتنا، كما أكد على ذلك قائدنا ـ حفظه الله ـ في خطابه، ونحن بإذن الله قادرون على التعبير عن هذا وبشكل كامل، لأنه لدينا المهارات والكفاءات اللازمة للتأثير على الناس للمساهمة في التغيير والمضي قدما في مسيرة الإصلاح والبناء، وذلك من خلال اتخاذ قرارات واعية وشجاعة، والعمل بجد على التحرك بعيدا عن الصمت الذي كان يجرنا إلى الوراء ويقوض فرصنا من اتخاذ أدوارنا كقادة مع أشقائنا.
ولهذا السبب أجد أنه يجب أن تقام سلسلة من ورش العمل في الأيام القادمة، لتشجيع النساء من ذوات الخبرة للتقدم في التعيينات في الوظائف القيادية العامة، حيث يقدم إلى جانب المحاضرات والتدريبات، دليل" الممارسات الجيدة"، والذي يكون قد أعد من قبل الخبيرات في هذا المجال، بحيث يكون أداة مفيدة وغنية بالمعلومات لتشجيع المزيد من النساء على الانخراط في الحياة العامة وليس القيادة فقط، وأن تدعى سيدات ممن خدمن في أي مجال عام داخليا أو إقليميا، من أجل نقل والمشاركة بمهاراتهن وخبراتهن، وشرح الصفات المطلوبة للولوج في هذا المجال، وإبراز أهم التحديات، والقيام بتدريبات تهتم ببناء ثقة المرأة للمشاركة في الاجتماعات من حيث التحضير والتقديم والمتابعة، والتشجيع على استخدام ما يملكن من الموهبة والخبرة لإسماع أصواتهن، وأقول لكل من تفكر في الأمر ألا تخاف من الفشل، بل لا بأس من احتضان الفشل، فإن الخسارة بحد ذاتها فرصة تعلم وإعادة قراءة الواقع وبناء البرامج المقترحة وتقديمها بطرق تصل إلى أكبر عدد من الفئات المستهدفة، أي أنه بالإمكان تدوير هذه الخسارة من أجل الصالح العام، وكون الاسم ظهر على لوائح الاقتراع مكسب بحد ذاته، فمع مرور الوقت قد يتعود الناس على الاسم ويبدأون بالانتباه للبرنامج الذي يقدم بجانبه، المهم المحافظة على الاستمرارية والتواصل، والمهم أيضا التحرك من قبل جميع الجهات مثل المؤسسات التعليمية والجمعيات الخيرية النسائية، والأندية الثقافية والعلمية، فلا نترك منبرا إلا ونقدم من خلاله التوعية والمساندة ونستخدمه من أجل تحقيق المصلحة العامة، فالأمر لايعني ترشيحات فقط بل تصويت، وهذا يعني مسؤولية قراءة البرامج المقترحة والقدرة على التعرف على البرامج المفيدة من بين الكثير من كلام الإنشاء، ومن ثم اختيار الأفضل من أجل مصلحة الجميع، ومن ثم المتابعة والمحاسبة أولا بأول، لأننا جميعا نتأثر، فالسياسات والقوانين العامة سوف تُقر إن كانت المرأة في المجالس أم لا، خاصة في القضايا التي تهمنا مثل الرعاية الصحية، ورعاية المسنين، والتعليم، ورعاية الطفل، والقوانين الوضعية والتشريعات التي تخص علاقات المرأة في الحياة الخاصة، ودعم النساء ممن لم يتم إدراجهن في أحقية الصرف عليهن من الأموال العامة، على سبيل المثال لا الحصر، فلماذا لا نعمل على أن تكون أصواتنا جاهزة وفاعلة، خاصة وأنه قد فتح لنا الطريق؟ لنكن على قدر المسؤولية التي وضعها فينا مليك البلاد، ونحن بإذن الله نعده بأننا لها...لن نتخاذل ولن نتردد.
نقلا عن الوطن السعودية