أولاً.. حقيقة شاملة تتجاوز قناعاتها ما نسبته ٩٠٪ من المواطنين بضرورة وصول المرأة إلى مواقع إنصافها في أدوار عملها واهتماماتها ومواقع بث أفكارها.. وفي ال١٠٪ الباقية هناك مَنْ ليس يشغله الأمر، وهناك ما هو أقل من نصف واحد صحيح من المئة يختزنه التخلف في أسوار مفاهيم قديمة من غير المعقول أن تكون صائبة إذا ما قُورنت بمظاهر التطوير الحديث الذي استفادت منه المرأة في الدول الإسلامية والعربية..
فهل أولئك ليسوا من الإسلام في شيء؟.. إذاً لماذا هم في مقدمات الثقافة الإسلامية؟..
ناحية أخرى.. ما هي مصادر دعم منتسبي نظام القاعدة في قسوة انتقادهم.. أليس التقاؤهم في مسار رفض عام لأي تحديث علمي وثقافي مع المنغلقين دينياً في أي مجتمع.. دعونا نتأمل كيف كان يلبس ابن لادن قبل خروجه الدموي، وكيف يلبس الآن مَنْ هم في موقع قيادته كالشيخ الظواهري ومَنْ حوله؟..
ثانياً.. في مقارنات أوضاع مجتمعنا وما كان يصطدم به التطور من حواجز تخلّف غريبة.. ألم يقل - قبل خمسين عاماً تقريباً - رجل إفتاء مرموق أن مَنْ في بيته راديو كمَنْ في بيته مومس؟.. ألم يرحَّل من الدلم بقرار شرعي رجل ثبت أن في بيته جهاز راديو؟.. ألم يمر فتح مدارس البنات بصعوبات قاسية ومضحكة منها مثلاً أن مدينة نجدية استقبلت مندوباً تعليمياً ليقوم بفتح أول مدرسة بنات عندهم فكان أن واجهوه بالرفض؛ ثم بلغه ليلاً أنهم حصلوا على فتوى تبيح قتله إذا أصر على فتح المدرسة.. فهرب ليلاً إلى الرياض، والرجل موجود وأعرفه شخصياً..
مع أننا أمام إتاحة الفرصة الكريمة والنبيلة والمشروعة للمرأة كي تحظى بعضوية مجلس الشورى والدخول في عضوية المجالس البلدية نعايش ابتهاجاً شعبياً شاملاً بأكثرية ساحقة، ونشرنا وجهات نظر داعمة لرجال دين مميزين بثقافتهم في دول مهمة إسلامياً وثقافياً.. إذاً فإن ما يُقال أو يمكن أن يُقال بصيغ رفض لهذا التطور العظيم ليست له أي ضرورة توقف عندها، فهي جزء باق من ذلك التخلف القديم.. ثم هل المرأة مجرد جسد وبدون وعي أو عقل؟..
في مقال سابق يوم الأربعاء الماضي ذكرت أنه إذا كان المطلوب محاصرة المرأة الاحتفاظ بنزاهتها فإن المُدان بالتسلط، لو وجد، لن يكون إلا الرجل، خصوصاً وأن المرأة حالياً مؤكدة الوجود في المستشفيات والجامعات ومراكز التعاون الدولية.. بل في ماضينا كم من شباب لو لم يوفقوا بأمومة نبل ورعاية لما أمكنهم أن يحققوا نجاح عصر جيلهم بعد نجاح ذاتهم..
نقلا عن الرياض