لا أتذكر متى كانت آخر علاقة لي بالكشافة. ظننت في فترة من الفترات أن فكرة الكشافة زالت من المملكة. كلنا نعلم أن فترة الصحوة قضت على كل أشكال الأنشطة الاجتماعية وحولتها إلى أنشطة دعوية كما حل بالمراكز الصيفية. عادت القضية إلى ذاكرتي عندما قرأت بيانا وقعه عدد من الرجال وصفوا أنفسهم بالعلماء . تناولوا مشاركة المملكة في المهرجانات الكشفية العالمية بأقبح الأوصاف وأشدها بذاءة. ثم اتهموا وزارة التربية السعودية بعدد من التهم أقلها التغريب. لولا سوابق لمثل هذا البيان سبق أن صدرت عن أمثال هؤلاء الرجال لقررت سحب كل من له صلة بي وبعائلتي من أي نشاط تديره وزارة التربية والتعليم السعودية. المسألة تتعلق بالدين وبالأخلاق وبالشرف. يقول البيان: ساءنا ذلك لما اشتمل عليه ذلك الملتقى من الاختلاط المزري بين الشباب والفتيات، والعري الذي كانت عليه كثير من الفتيات، وكذلك الوضع التنظيمي، فلا فصل بين الذكور والإناث. . حتى في الأماكن المخصصة للاستحمام! إلى آخر ما جاء في البيان
ذكروا في بيانهم ما هو أقبح من هذا الكلام مما لا يجوز لي ذكره في جريدة محترمة. ثم قالوا متأففين : يخجل الكرام من ذكرها رغم أنهم ذكروها.لا أعرف لماذا سمحوا لأنفسهم ذكر ذلك الكلام القبيح الذي يخجل من ذكره الكرام. لم يكفهم ذكر القبح الذي يتأفف منه الكرام بل ربطوا بينه وبين تعليم الأطفال في المملكة وعززوا كلامهم بتخوين الآخرين يقولون: (: وإن إقحام شبابنا في مثل تلك الأجواء وإشراكهم في تلك المناسبات تضييع للمسؤولية بل خيانة بالغة للأمانة، وهذا ينضم إلى تجاوزات الوزارة وتخبطها في عدد من الأمور منها تطبيع الدمج والاختلاط بين الجنسين من خلال دمج الصفوف الأولية في المدارس)
بيانات كهذه لم يعد يلتفت لها الناس، تحولت إلى مواضيع للتندر والسخرية. لكن مع الأسف هناك جهات خارجية توظفها أفضل توظيف. الحملات التي تشنها القنوات والصحف الأمريكية اليمينية والصهيونية والتي يغذيها حثالة العرب القاطنين في تلك البلاد الغربية تنتظر هذه البيانات لتجعل من الإسلام وفي السعودية تحديدا(مما سموه الوهابية) مضغة سهلة في ألسنتهم وفرصة لتكريس الكراهية والتحريض على المملكة.
التحقيق عن الحركة الكشفية الذي نشرته هذه الجريدة يوم أمس الأول أبان طبيعة المشاركات الكشفية والكيفية التي تدار بها. هذه المشاركات لا تختلف عن مشاركات المملكة في كل الأنشطة العالمية. لا أحد يعرف ما الفرق بين مشاركة المملكة في المسابقات الرياضية والمؤتمرات والاجتماعات الدولية وبين مشاركتها في التجمعات الكشفية.
في كل مرة تتقدم المملكة على مستوى العالم وتعرف بوجهها الطيب الكريم ممثلة في جهود خادم الحرمين للتقريب بين الحضارات والدفع نحو الحوار العالمي البناء القائم على المثل السامية المشتركة يأتي هؤلاء ويقدمون للعالم مادة توحي كأنما المملكة تعمل بسياستين واحدة للخارج والأخرى للداخل. إذا كان المجتمع السعودي تجاوز هذا النوع من البيانات ولم تعد تنطلي عليه فالعالم المعادي ينتظرها على أحر من الجمر.
نقلا عن الرياض