الديمقراطية بالنكهة العربية تختلف عن طبختها الأصلية اليونانية قبل نحو 15 قرنا، وتختلف عن ديمقراطية ويستمنستر المطورة، وتختلف كثيرا عن ديمقراطيات العالم الجديد بنسختها الحديثة التي ولدت بعد الحرب العالمية الثانية. العربية مظهرها ديمقراطي، وتفاصيلها تحتاج إلى نقاش. فالجميع فعلا يحتكم للصندوق، ويقبل بحكم الأغلبية الفائزة، إنما الممارسات غير متشابهة.
وعندما يفوز الإسلاميون في الكويت بثلاثة وعشرين مقعدا من إجمالي خمسين، وإذا تم تصنيف المجلس وفق التجمعات القبلية فإن هناك عشرين منهم في كراسي المعارضة ينتمون إلى كبرى قبائل البلاد، هنا تصبح الديمقراطية طبخة مختلفة عن الديمقراطية المتعارف عليها. وإذا كانت الكويت من أصغر الديمقراطيات ويعتقد البعض أنها مختلفة اجتماعيا في قواها الداخلية، فإن مصر هي الدولة الديمقراطية الأكبر عربيا، أيضا الأغلبية، نحو ثمانين في المائة من مقاعد مجلس الشعب، راحت للإسلاميين.
ولا أحد يتوقع أن يأكل الناس في العالم أجمع نفس الطبخة اليونانية أو الإنجليزية لكن لا تصبح ديمقراطية إذا تغيرت خصائصها وشروطها الرئيسية، الحكم للأغلبية فقط مع حرمان البقية من ممارسة حقوقها. ففي المناخ الجديد صار ممنوعا نقد الطروحات الدينية، رغم أنها سياسية، ومن الخطورة اليوم انتقاد القبائل رغم أنها صارت تجمعات حزبية وتمارس عملا سياسيا، وأصبح سهلا تقييد الحريات الفكرية والأكاديمية. وبسبب هذه الاستثناءات يخسر المجتمع المقاصد الأصلية من العمل الديمقراطي، التي هي المشاركة، وحق التعبير، وحرية الاختيار. في الدول الأعرق لا تقوم الاختيارات على الأعراق أو الأديان. أصحاب المهن والقضايا، وطلاب الحاجات، ومن لهم رؤى مشتركة هم الذين يشكلون دوائر التنافس وموضوعاتها. ومن حق كل المشاركين نقد الآخرين كما يصنفون أنفسهم، ديمقراطيين أو عمالا أو جمهوريين أو اشتراكيين أو ليبراليين، ووفق برامجهم الانتخابية المعلنة. الأمر صعب في الساحة المصرية اليوم عند نقد «الإخوان» أو السلفيين لأن البعض منهم يعتبره نقدا لمفاهيم دينية مقدسة، والأمر نفسه بالنسبة للقبليين. في مناخ الغلبة الديمقراطية لمثل هذه القوى يصبح المثقفون والمبدعون، وكذلك عامة الناس، في حالة خوف من حكم أغلبية لها ثقافة لا تمت أبدا للمفهوم العام للديمقراطية، من حرية واختيار. وكما رأينا، بسهولة تمت إدانة فنان كبير مثل عادل إمام على فيلم مثل فيه قبل نحو ثماني سنوات، وحكم عليه هذا الأسبوع بالسجن والغرامة في مصر الديمقراطية، بدعوى ازدراء الإسلام. وهو الحقيقة كان ازدراء لأشخاص وممارسات، وليس للإسلام نفسه. المفترض أن الديمقراطية رغم تمكين الأغلبية من الحكم فإنها تحمي وتصون الحقوق الأساسية للجميع، بما فيهم الخاسرون في الانتخابات وكذلك الأقليات، وتحمي حقهم أولا في حرية التعبير.
[email]alrashed@asharqalawsat.com[/email]
نقلا عن الشرق الاوسط
- تحت رعاية خادم الحرمين.. تنظمه جامعة الإمام الرياض تحتضن المؤتمر الدولي «دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي»
- سمو ولي العهد يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق
- وقف إعلان دقوا الشماسي بعد طلب أسرة عبد الحليم حافظ
- مشروع يوثّق المواقع السعودية التي عاش فيها أشهر شعراء العرب عبر التاريخ
- الصين تقدم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الدعم الأمريكي للسيارات الكهربائية
- لبنى الخالدي تشارك في حفل جوائز المرأة العربية
- مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يستعرض المؤشرات الاقتصادية المحلية والدولية
- قرص دواء واحد” يحاكي فوائد اللياقة البدنية دون ممارسة الرياضة..
- ألواح شمسية في مقل العيون .. خيال أصبح حقيقة
- أحداث وقعت في الخامس عشر من رمضان ابرزها زواج الرسول محمد
ممنوع نقد القبائل والمذاهب والأندية
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/69762.html