من المتفق عليه أن تأسيس أكثر من عشرين جامعة في مناطق المملكة المختلفة، وهذا التوسع الكبير في برامج الابتعاث هما من أهم وأميز المشاريع والبرامج التنموية التي تمت في المملكة، كما أن هناك اتفاقا على أنه يجب توفير وتجهيز فرص عمل كافية لهذه الجيوش من الخريجين والخريجات خلال السنوات القليلة القادمة ودون ذلك فقد يصبح هذان المشروعان الوطنيان الطموحان سببا في إشكالات وطنية وفي مضاعفة الفقر والبطالة لا القضاء عليهما .
وقد تم تناول هذا الموضوع كثيرا ومن أكثر من جانب واليوم أتناوله من زاوية الدور المأمول من وزارة الاقتصاد والتخطيط كي تسهم بفاعلية وحيوية أكبر في هذا المجال .
إن إنشاء الجامعات في المناطق الأقل نموا والبدء في إقامة عدد من مشاريع البنية التحتية الكبرى من موانئ ومصافي النفط والبدء بتأسيس شبكة القطارات لربط هذه المناطق تمثل متطلبات مهمة من أجل التنمية الإقليمية المتوازنة .
وأرى أن الحل الرئيسي لمشكلة اليوم وأزمة الغد وهي تزايد عدد الخريجين والخريجات هو قيام وزارة التخطيط بإعطاء أولوية قصوى وبأقصى درجات التركيز والسرعة من أجل استكمال الجهود نحو تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة بحيث تحصل المناطق الأقل نموا على الوظائف لنسب معقولة من هؤلاء الخريجين ، وذلك عبر دعم وتسهيل إقامة المزيد من المشاريع الحكومية والخاصة القادرة على تأهيل وتوظيف المواطنين والمواطنات، فعلى سبيل المثال سبق أن نشرت إحصائية توضح أن المناطق الست الأقل نموا في المملكة وهي الحدود الشمالية وجازان ونجران والباحة والجوف وحائل تحتضن جميعا 3 % فقط من عدد المصانع المنتجة في المملكة وتوفر نسبا هامشية جدا من الوظائف للمواطنين .
وأرى أنه بإمكان وزارة الاقتصاد والتخطيط تفعيل دورها عبر القيام بطريقة منهجية بمراجعة حركة النشاط الاقتصادي وسياسات إصدار التراخيص والسجلات التجارية في كافة القطاعات الصناعية والخدمية والزراعية والتجارية والعقارية وذلك من أجل توجيه النشاط الاقتصادي للمناطق الأقل نموا ووقف التزاحم الكبير على إقامة المشاريع الصغيرة والكبيرة في مدن الرياض وجدة وبعض المدن الكبيرة الأخرى، وقيام الوزارة بإعادة دراسة ما تقدمه الدولة من دعم للقطاع الخاص بكافة أشكاله، وتطوير سياسات منح الحوافز والدعم والإعانة وربط ذلك بصورة عملية فعالة بالأهداف الوطنية وأهمها تدريب وتوظيف المواطنين وتنمية المناطق الأقل نموا، إضافة إلى وضع الخطط اللازمة لدخول الدولة عبر البرامج والصناديق الحكومية وعبر مؤسستي التأمينات والتقاعد في شراكات مع القطاع الخاص لإقامة المشاريع في تلك المناطق الأقل نموا .
نقلا عن الرياض