الاحتجاجات الطلابية التي نرى أحداثها تتوزع في أكثر من جامعة (بعضها لا يتعدى النقد الإلكتروني التواصلي) يشي بمرحلة جديدة من فهم الدور الفاعل للجامعات، ومدى علاقاتها بالمجتمع وحراكه المستمر، مما يخرجها عن عزلتها وجزر النخبوية كما كانت سابقا، أو بروج عاجية يصعب الدخول فيها إلا لمن رضي أن يتلون كما يريد أصحابها، وهي مرحلة، وإن اتسمت بالضبابية قليلا كأي فعل جديد على الساحة؛ إلا أنها يمكن أن تؤسس لرؤية حقوقية في العلاقة بين الطالب وجامعته، مما يمكن له أن ينسحب على المجتمع بشكل عام، وإن كنت لا أستطيع الجزم بذلك، كونه من الصعب الجزم في مثل هذه الأمور.
والحراك المدني يعني بكل بساطة أن تكون هناك فاعلية للمجتمع داخل المؤسسات الحكومية، والجامعات معنية أكثر بهذا الحراك كونها المؤسسات التي تدفع بالشباب إلى سوق العمل وتسنم قيادات فاعلة في أكثر من قطاع أحيانا داخل المجتمع سواء خدمية أو ثقافية أو دينية، أو اجتماعية وسياسية، ولذلك فأهمية الحراك الطلابي في الجامعات تكمن أن يكون النواة الأولى في الحراك المدني، لذلك فإن العمل على تنظيمه من خلال قنطرة مفهوم مؤسسات المجتمع المدني، والتي لا بد أن تتسم بالاستقلالية أكثر من المحكومة بتعقيدات البيروقراطية.
والمجالس الطلابية في الجامعات يمكن لها أن تحقق هذه الفاعلية، وتردم الهوة بين الجامعة وطلابها، وتقف على مشكلاتهم دون اقتصارها على جهة واحدة يمكن أن يتسرب لها الخلل في عملها كونها لا تحظى بالرقابة المجتمعية التي يمكن لها أن تتبلور من خلال تلك المجالس بآلية عمل واضحة، وصلاحيات رقابية واسعة تتداول من خلال التصويت الانتخابي بين الطلاب كل سنتين.
إن أمام الجامعات رؤية جديدة للحراك المدني يقودها الطلاب، وعليهم أن يستوعبوا هذه الرؤية بكل أريحية من غير خطابات تخوينية أو تسييسية تخرج عن هدفها الأصلي وهو المشاركة في قرارات تخص مصير حياة الطلاب المستقبلية التي يصنعها غيرهم، حتى وإن كانت هذه الرؤية بسيطة وساذجة في نظر المسؤولين في الجامعات.
نقلا عن عكاظ