"مسلسل" الانتخابات الرئاسية في مصر في غاية الإثارة والمتعة لكثيرين يتابعون تفاصيل التفاصيل في كل مشهد فيه وأنا أحدهم.
وهو ممتع ومثير لأنه أول مرة في التاريخ يتابع العرب انتخابات زعيم مقبل لا يعرفون سلفا من هو، زعيم يختاره الشعب بإرادته دون تزوير ، وحين يحدث ذلك في مصر قلب العالم العربي ، وهي القلب النابض بالحياة والفكر والثقافة والإعلام والفن ، فلا شك أن الحدث أكبر من كبير ، ونتائجه سوف تؤثر لا على مصر وحدها بل على المنطقة بأسرها.
جدل القاهرة اليوم الظاهر على السطح في معظمه يتمركز على هل المرشح من فلول النظام أو من المشاركين في الثورة على النظام ، وعلى هل المرشح من تيار ديني أو تيار مدني أو ليبرالي أو من المؤسسة العسكرية ، وعلى علاقة المرشح بأمريكا ، وعلى موقفه من الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر سابقا وعلى رأسها " كامب ديفيد ".
وفي تقديري أن الجدل السابق هو جدل النخبة الذي يبرز إعلاميا ، دون أن يكون له تأثير كبير على أرض الواقع مستقبلا، والذي سيحسم الأمر في انتخابات الرئاسة هو مدى قدرة المرشح للرئاسة على إقناع الشعب المصري بأنه الأكثر قدرة على توفير دخل أعلى للطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل الأقل من المتوسطة التي تمثل اليوم أكثر من 90 % من الشعب، وتعيش معاناة يومية مريرة من أجل توفير لقمة العيش، ولن يهم تلك الطبقات إن جاء الحل من المعونات الأمريكية ، أو من دول الخليج أو من إيران ، أو من تشجيع السياحة ، أو من برنامج وطني تنموي يدير بالطريقة الأمثل الاستثمار الصناعي والزراعي بعدالة دون تعيقدات ، وبمرونة دون فساد.
وكملخص لما سبق فإنني أرى أنه كما صنعت الطبقة الوسطى من شباب التويتر والفيس بوك الثورة، وحصدت نتائجها التيارات الدينية في الانتخابات البرلمانية ، فإن الطبقة الفقيرة والطبقة الأقل من الوسطى هي التي ستعين رئيس مصر القادم وفقا لبرنامجه الاقتصادي بغض النظر عن توجهه الفكري والسياسي.
نقلا عن الرياض