قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد خسارته في الانتخابات إنه سيعود إلى مزاولة حياته، مثله مثل أي مواطن عادي. هذه الجملة الحارقة التي لم نسمعها قطُّ تثير في قلوبنا نيران الحسد، فنحن لم نسمع قط برئيس يصبح مواطناً عادياً، بل برئيس هارب أو منفي أو ميت أو مسجون. ساركوزي حصل على 48 في المئة من الأصوات، وبلغ عدد المصوتين80 في المئة من المجتمع الفرنسي، ما يعني أن غالبية الشعب الفرنسي ذهبت إلى صناديق الاقتراع، وما يقارب النصف إلا شرطتين اختاروا ساركوزي، لكنه خسر، ومع ذلك لم يقلب الطاولة على أحد، بل قال سأعود إلى المنزل، مثل أي مواطن عادي، ومن شدة «عاديته» سيواجِه تُهَماً أمام القضاء في شكل عادي. لا أنوي الحديث عن رؤساء الماضي وما فعلوا، لأن الضرب في الميت حرام، بل سأناقش ظاهرة رؤساء محتملين، أبرزهم حازم أبو إسماعيل مرشح السلف الذي علِقَ في شراك شروط وُضِعت لغيره، وكان آخر ما يخطر على البال أن يَعْلَقَ بها المرشح السلفي.
فقد أعلنت الخارجيتان المصرية والأميركية أن المرحومة أمه لديها جنسية أميركية، وشهد عليه صهره ومعلمه، إمام مسجد بروكلين. لكنه رفض أن يعود إلى منزله مثله مثل أي مواطن عادي. كذّب هؤلاء ودعا إلى «مليونية» وخَطَب فوق المنابر والمساجد. أمّا شهودُه فرجل صلّى في المسجد النبوي، ثم نام وحلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- زاره في الحلم وقال له: «إن الله ورسوله يحبان حازم أبو إسماعيل»، رشحوني بقأه. ثم تلا آية، ووضع اسم والده فيها، حين قال منهم قد قضى نحبه، ثم وضع اسم والده، ثم قال ومنهم من ينتظر، ثم تلا اسمَه. العجيب أن هذا كله عادي عند الجمهور، ولا يدخل في باب الجُرْأة على الله ورسوله في شيء، بل إن الناس أخذت تهتاج وتبكي. يا صلاة النبي أحسن. النائب السلفي الآخر أنور البكليمي تبيّن له أن حجم خشمه لا يتناسب مع منصبه البرلماني الجديد، فقرر أن يُجري له جراحة تجميل، وهذا حق مشروع أو على الأقل شأنه الخاص. لكن طبيبه الذي أجرى له الجراحة فوجئ به بعدها يعلن في الصحيفة أنّ أنفه انكسر بسبب تعرضه لاعتداء، وسُرِق منه 100 ألف جنيه (يبدو أنها ثمن الجراحة التي ينوي لهفها؟!)، فما كان من الطبيب إلا أن خرج للناس وفضحه.
هؤلاء هم الأمناء الجدد على الشعب الذين يريدون الفوز ولو بالمبالغات والكذب ونسج القصص الخيالية التي يجيدون تأليفها، كما يجيدون اتهام خصومهم بالعمالة وتكفيرهم وتكفير من ينتخبهم. فمن يُقنع هؤلاء - لو وصلوا - بالتخلي عن مناصبهم، بحسب قانون التداول السلمي للسلطة، وهذه مقدماتهم؟ ساركوزي حين اتهم خصمَه بالكذب رفعوا له ورقة حمراء، واعتبروا تهمته هذه سلاح اغتيالات غير مسموح به في المعارك الانتخابية. هذا هو حكم المؤسسات والقانون الذي يجعل الدفاع عن مصالح الناس الطريق الوحيد للفوز، وهذا هو العادي، بينما لا يدافع مرشحونا إلا عن مصالحهم، وهذا ممكن أن يكون عادياً، ولكن أن يقبل الجمهور العربي ويهيص فهذا غيرعادي.
نقلا عن الحياة اللندنية
التعليقات 1
1 pings
17/05/2012 في 11:46 ص[3] رابط التعليق
الفاضلة / بدرية البشر
السلام عليكم
لا يوجد فرق بين ساركوزي ودكتاتورينا الفرق فقط ان النظام يجبر ساركوزي بالتنازل ولو اختلفت المواقع لتنازل ابن علي طواعية ولتشبث ساركوزي ..هذه وجهة نظري .
الفاضلة بدرية هل تتفقين معي ؟