من يتابع التقارير الاقتصادية التي تصدر خلال هذه الفترة الزمنية التي تقارب ثلاثة أشهر فقط، سيلاحظ للوهلة الأولى أنها بعيدة عن الواقع، فهي من بدايتها غير موضوعية، فهناك دراسات تتحدث عن السكن بالمملكة أنه الأرخص، ودراسة أخرى تقول إن مستوى التضخم هو الأقل لدينا، وثالثة تشير إلى أن مستوى الدخل للمواطن هو الأعلى، وغيرها من الدراسات التي ترد لنا من "الخارج" ولم ألحظ أي دراسة مما قرأت أنها صادرة من داخل بلادنا، أي لم تصدر من وزارة أو بنك أو غيرها، بل أتت من الخارج، ولا أفهم مبررات وأسباب ذلك.
لست هنا بصدد استعراض ما نعاني أو ما هي الحقيقة فهي تحتاج وقتا ومساحة ليست متاحة لي في هذه الزاوية، لكن أضع علامة استفهام كبيرة لمن تسوق هذه الدراسات ؟؟ هل هي لصانع القرار ؟ أم المواطن ؟ أو غيرهما؟ فهي لا تخدم أحدًا في مجمل ما ينشر من هذه الدراسات التي لا تحمل أي صفة أو منطق موضوعي.
ولكي ندلل على ما نقول ونطعن بهذه الدراسات، بلادنا ليست الأعلى نموًا في الدخل للمواطن، قد يكون دخل الدولة نعم، لكن المواطن لا، نعرف كم هي مستويات الارتفاع في الرواتب، حين نتحدث عن عشر سنوات سابقة فهي لم تتجاوز 15٪ وبلاد مجاورة تجاوزت 50٪ بل و 100٪ في الارتفاع.
من قال إننا الأقل سعرًا في السكن؟ فحين نقارن قيمة السكن بحجم الدخل ، فالبحوث والدراسات تحتاج متغيرات موضوعية، وأضع تشبيها لها كالمريض بمرض السكر والضغط الذي يذهب للطبيب ويعالج مرضًا واحدا وهو السكر ويهمل الضغط بلا علاج، والعلاج لا يأتي لمرض واحد بل للكل، فلا يمكن أن تعالج مرضًا وتهمل مرضا آخر، وهذا ما يحدث في دراسات تلك المراكز التي اعتبرها فاقدة الموضوعية والمنطق وبالتالي القبول بها يخلق حالة من فقدان الثقة والمنطق والقبول من المواطن الذي يعايش المشاكل والمصاعب في حياته اليومية ثم يجد من يقول له " أنت الأفضل "، هذا غير مقبول ولا يمكن تمريره بأي مسوغ علمي كما درسنا، ونستعد لأي حوار يمكن أن يفتح في هذا السياق بمنطق العلم لا غير.
يجب أن يكون هناك تقنين في هذه الدراسات، وأن تبتعد عن " التسويق " غير المقبول في مرحلة أصبح الجميع أكثر وعيًا وفهمًا ومن السهولة الحصول على المعلومة من مصادر متعددة، يجب أن يحترم عقل المتلقي ومن تطرح له هذه البيانات والمعلومات التي ليس من السهولة التوقع أنها ستقبل على علاتها.
نقلا عن الرياض