تمر جميع شعوب العالم الثالث بمراحل تطوّر يرافقها تبادل لغة حوار، وكلما كانت هذه الشعوب بعيدة عن التطرف الديني كلما كان الحوار بين فئات مواطنيها أقرب إلى الموضوعية والانتقاء الواعي لما هو ملائم عند الغرب أو غيره من تطوّرات لما يحتاجه العالم الإسلامي من إمكانيات وكفاءات..
نحن تابعنا قسوة تدخل إحدى فئتين تدّعيان جزالة الإسلام، بل الانفراد بكل متطلباته.. الأولى - ومعظمها من الشباب - يتم الاستيلاء على عقولها عبر تكريس المبالغة في تفسير الأحاديث، بل تستطيع القول إلزامهم عقلياً بإسلام لم ينفّذ في الماضي إلاّ عند الخوارج ومَنْ هم على شاكلتهم، هؤلاء غالباً شباب ويتصوّرون أن قتل مسلمين بقنابل سرية والقاتل يكون بينهم هو أقرب طريق لذلك الشاب نحو الجنة.. ولم يسأله أحد.. هؤلاء الذين أرادوا قتلهم.. هم مسلمون فما هو مبرر العدوان عليهم؟..
تأتي الفئة الثانية.. وهي مَنْ يوجه هؤلاء سواء من داخل نظام القاعدة أو من خارج هذا النظام، لكن بدفع مزيد من الاتجاه إليه..
في كل الأحوال ما يحدث هو جهل في جهل، ولا تستطيع أن تحصل على إجابة مقنعة عندما تطلب البرهنة إسلامياً على عدم توظيف المرأة مثلاً.. ولماذا لا تسير وحدها في الشارع؟.. ولماذا لا تتولى مهمة بيع وشراء؟.. هل الرجل هو مَنْ يملك العقل وبالتالي فهو مَنْ يكون مسؤولاً عنها أم أنها تملك كل الصفات عقلياً ووعياً واجتماعياً فيما يخص إسلامها وعملها وأمومتها؟.. إن أدوار المرأة اجتماعياً هي أفضل من أدوار الرجل.. ومَنْ يريد تحويلها إلى «ماعز» بيت إنما يريد تكريس وجوده كصاحب سيادة أولى..
المدعو عبدالمحسن العبيكان الذي مرّ بأدوار متناقضة في حياته نعرف ماذا كانت بدايتها وكيف صعدت به ادعاءات تجمّل عقلياً بها، وكيف انتكس في ارتداد عمّا كان يقول ليحلم بما هو يأمل وهو غير مؤهل له..
تحدث في إذاعة نت عن المرأة كما لو كانت «عنزاً» مهملة في الشوارع أو مواقع التجارة، ويعلم الله أن كثيرات منهن أرقى منه عقلياً وثقافياً.. وعرّج على الإعلام السعودي الذي هو الآن في مقدمة الإعلام العربي دون أي تهمة توجّه إلى أي كاتب أو صحيفة بأنهما في حالة ولاء لدولة أخرى.. نتحداه أن يثبت ذلك، ويتحتم علينا في هيئة الصحفيين أن نطلب محاكمته في جرائم القول التي أعلنها..
منذ زمن قديم كتبت وجهة نظر ذكرت فيها أن لدينا بعض فئات إما تتكسب بادعاءات الدين أو تتكسب بما تتوهمه حقائق دين.. وهؤلاء لن يأخذوا من التقنية والحضارة في الغرب مزايا تطويرها لحياة الإنسان وتوفر إمكانيات تقدمه العلمي، فهم لا يفهمون ما تعنيه التقنية، لكنهم يفهمون بعض مسلكيات شخصية نحن لا نقبل بها.. هذه الفئات حاولت في الماضي ومنذ حرب السبلة في عهد الملك عبدالعزيز أن تمنع أي جديد علمي، وفي المقدمة وجود السيارة أو جهاز الفاكس.. ونعرف كفاءة مواجهة الملك فيصل لمحاولات إغلاق مدارس البنات.. نحن الآن في مرحلة محاولات منع توظيف السيدات.. ما هذر به عبدالمحسن العبيكان يفتقد لأي برهنة دينية أو علمية وإنما هو حشد اتهامات وتجاوزات غير أخلاقية.. نعم غير أخلاقية.. وإلاّ فما هو مبرر محاولاته ردع تقدم وتطور مجتمعه.. هل هناك لغة خفية تبحث عن ثمن لغة صمت؟..
وفيما يخص الرجل الواعي عقلاً وممارسة وزير العدل هو برهان على مستوى التخلف في النظرة إلى جزالة مسؤوليات الدولة التي خرجت بنا عن تخلف عالمنا العربي، ومهدت لنا مسالك البروز الحضاري..
نقلا عن الرياض
4 comments
4 pings
Skip to comment form ↓
08/05/2012 at 8:38 ص[3] Link to this comment
كلام رائع وتحليل جميل أستاذنا الفاضل تركي السديري هناك صراع قوي بين التيار الديني في المملكة ومستعد بتغيير رأيه 180 درجة إذا كان هذا يصب في مصلحته سواءً مجاملة المتشديدين أو أصحاب السياسة اذكر أن العبيكان بعد فتواه بالأخذ بالحسابات الفلكية وقاموا عليه بعض أقرانه و وصفوه بأوصاف لاأستطيع ذكرها , خرج بعدها بيوم أحد المتصلين يسأله عن حكم صبغ الشعر سواءً الرأس أو اللحية فقال بالفم المليان وذكر حديث بأنهم لن يشموا رائحة الجنة وجدها فرصة على أقرانه اللذين جميعهم يصبغون شعورهم بدون أستثناء جميعهم لن يشموا ولا يدخلو الجنة حسب فتوى العبيكان فهذا قدرنا أن نعيش بين هذا التيار الذي يفتي ويزبد ولصق التهم ويخوف المسلمين بالدين ,,,,
08/05/2012 at 5:02 م[3] Link to this comment
الوكاد لا تتعامل مع المجاهيل
الدعم التحريري
09/05/2012 at 10:12 ص[3] Link to this comment
انا ارى ان المواضيع التى يتحدثون من اجلها موضوعه من اجل تفريق هذا المجتمع المترابط وتفكيك الاسلام ياناس بالامس لم اسمع مصطلحات مثل اسلامى ليبرالى اخوانى سلفى انتم مزروع بينكم فتنه اعقلو وفكرو بالمندسين بينكم وخذو من المشكله التى حدثت بين السعوديه ومصر بالامس القريب عبره ارجو من الدعاه ان يعملو بما اتاهم الله من علم فى الدين فى توجيه الامه والتعريف بالاسلام بانه دين محبه وترابط واخوه وارجو من الكتاب ان يكتبو عن ماهو فى صالح هذى الامه و هذا البلد الذى هو بلدنا جميعا بلا استثنا وارجو من الجميع احترام كل فى ما يخصه نحنو جميعا فى بلد الحرمين الشريفين وفى ظل حكومه رشيده لامثيل لها فى العالم معطتنا حريتنا ومطبقة لشرع الله وحافظة لامننا انظرو يمينا و شمالا وشرقا وغربا كيف الاحداث والحروب وعدم الامن يناس خافو الله تراكم قله بالنسبه للشعب السعودى والحكومه والشعب لن يسمحون لقله ان تعكر صفوهم اطلاقا انتم ظهرتم فى الاعلام وبينتم للعالم ان السعوديين مختلفين وهذا ليس بالواجوب عليكم يجب ان تبينو اننا مترابطين ومتمسكين بديننا وتوابتنا وقيمنا وسياستنا ولا احد يستطيع ان يغير علينا ابدا فارجوكم كفو عن المهاترات والتحدت باسمنا كشعب يريد الامن والاستقرار وانتم ايظا من الشعب خافو الله يا ناس وكفو عن ما يدور بينكم (مواطن)
12/05/2012 at 10:15 ص[3] Link to this comment
مقال للدكتور عائض القرني بعنوان ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) ينطبق على الكتاب الذين هاجموا العبيكان تماما !