من منا لا يعرف وليد الطبطبائي، أو جمعان الحربش من أعضاء مجلس الأمة الكويتي؟ ومن لم يسمع بمصطفى بكري أوعمرو حمزاوي من مجلس الشعب المصري، بل أكاد أجزم بقدرة بعض الشباب السعودي على تسمية كامل أعضاء مجلس الأمة الكويتي!
فالنائب الكويتي يمارس كافة صلاحياته في الرقابة والتشريع، مما جعله جزءاً من هموم مجتمعه، بينما لم يستطع السادة أعضاء مجلس شورانا الموقر بناء صورة ذهنية إيجابية عن مجلسهم! الأمر الذي انعكس على رؤية المواطن للشورى ودورها الوطني المهم، وتحوّل المجلس مؤخراً إلى مجرد حلقة إضافية في الدورة البيروقراطية لتشكّل الأنظمة والأطر التشريعية، أو مراجعة تقارير سنوية لمؤسسات وجهات حكومية، مضى على نشرها سنوات عديدة! وما قصة تبخّر مناقشة بند بدل السكن لموظفي الحكومة، أو إسقاط توصية تجريم بيع منتجات التبغ للقصّر، رغم كل التبريرات إلا دليلٌ إضافي على انقطاع الأعضاء بعيدًا عن نبض المجتمع، واحتياجات يومه وحياته، وبالتالي فإن البحث عن إجابة لعنوان المقال لدى جمهور الشباب السعودي يعد ضرباً من المستحيل!
للأسف لم يستطع المجلس أن يجسد رؤية القيادة لدورٍ محوري وحقيقي، كسلطة تشريعية رقابية، فدعم القيادة السياسية لتطور المجلس واضح، منذ أن بدأ بستين عضوًا في الدورة الأولى عام 1412، حتى وصل إلى مئة وخمسين في الدورة الحالية، فضلاً عن دخول المرأة في الدورة القادمة، والأهم من ذلك تعديل المادتين السابعة عشرة والثالثة والعشرين من نظام المجلس، اللتين أعطتا الحق لمجلس الشورى ورئيسه صلاحية دراسة ومناقشة أي نظام أو تعديله دون الحاجة إلى الرفع إلى الملك، كما كان في نظام المجلس قبل التعديل، ومن ثم يتم الرفع للملك بعد ذلك فيما توصل إليه المجلس، وكان المتوقع أن يسهم هذا التعديل في خدمة المواطن، وتسريع تحقيق تطلعاته، ومناقشة المُلح من القضايا والأنظمة، من خلال مبادرة الأعضاء طرح ودراسة ما يحقق المصلحة العامة أو يعالج مشكلة اجتماعية، ولكن ذلك لم يحدث بالشكل المنتظر، ولعلي أشير هنا إلى حديث العضو السابق في الشورى الدكتور محمد القنيبط في البرنامج التلفزيوني حديث الخليج، الذي أكد أن منحى نشاط المجلس قد أصابه الوهن بسرعة، وفوّت على نفسه فرصه تاريخية نحو أن يكون مشاركاً حقيقياً في بناء الوطن، حيث كانت البدايات مبشرة بمستقبل قوي، ولكن الأعضاء تراخوا في مسؤوليتهم، ولعل قراءة متفحصة لواقع حضور الجلسات وعدد المداخلات والاقتراحات كفيلة بإعطاء صورة حقيقية لبعض الأعضاء الصامتين دائماً.
من الأمور المثيرة في المجلس؛ عدم وجود علاقة طردية بين المؤهلات العلمية والمهنية للأعضاء ومخرجات المجلس، حيث تشير آخر إحصائية إلى أن 64% من مجموع الأعضاء يحملون درجة الدكتوراة، و14% درجة الماجستير، و21% الدرجة الجامعية، كما أن مراجعة سريعة لجداول أعمال الجلسات تظهر أن نسبة الاقتراحات المقدمة من الأعضاء لا تتجاوز العشرة بالمئة من مجمل ما ناقشه المجلس ولجانه المتخصصة، والأدهى من ذلك أن نعرف أن المجلس وحتى نهاية السنة الأولى من دورته الخامسة عقد (1141) جلسة، وأصدر (1361) قراراً، أي بمعدل قرار واحد لكل جلسة تقريباً، لكن يبدو أن تلك القرارات كانت حبراً على ورق، أو أنها مجرد توصيات لا معنى لها، لا نجد لها تأثيراً حقيقياً سُجل كمبادرة ظهرت من أروقة المجلس!
أما الترهل الإداري بالمجلس فقد وصل بالهيكل إلى خمس وثلاثين إدارة ووحدة وأكثر، وجيشًا جرارًا من الموظفين، مما يطرح تساؤلاً مشروعًا عن قدرة المجلس على إدارة نفسه، قبل أن يقوم بتقييم أداء الجهات الحكومية الأخرى، خصوصًا عندما نقارن الهيكل الإداري للمجلس ودوره مع المجالس والبرلمانات في الدول المتقدمة.
من المؤسف أن السادة الأعضاء يتحملون قسطاً كبيراً من مسؤولية فشلهم، رغم أنهم يلقون باللوم دائماً على تجاهل الوزارات المختصة، وعلى تعديلات هيئة الخبراء، بل وحتى على وسائل الإعلام! وهم يعلمون أن من يُعلق الجرس هم فقط، وأنهم محاسبون على تلكم الأوقات والأموال التي تصرف عليهم دون عائد على رفاهية المواطن، رغم أن الحل بيدهم، من خلال تفعيل أدوات الرقابة والتشريع، التي كفلها النظام الأساسي للمجلس، وأكد عليها خادم الحرمين الشريفين في أكثر من محفل وطني.
ونحن كمواطنين ليس هدفنا أن نتعرف على أشخاص أعضاء المجلس الكرام، بقدر أن حُلمنا أن يصبح المجلس صوتًا حقيقياً لنا، معبرًا عن هموم الشارع وآماله، ووسيلة حقيقية لحل المشاكل وطرح الحلول، ولكن حتى يتحقق ذلك الأمل أدعو أعضاء مجلسنا الموقر نحو متابعة أداء أعضاء مجلس الأمة الكويتي أو حتى أي مجلس برلماني في دولة متقدمة؛ علّ وعسى..
نقلا عن الوطن السعودية