بكين 14 نوفمبر 2020 (شينخوا)
إن الولايات المتحدة تجعل نفسها تجسيدا آخر لفكرة أن الخيال، بغض النظر عن مدى سرياليته أو سخافته، هو انعكاس للواقع.
ففي كتابه الكلاسيكي “1984”، اختلق الكاتب البريطاني جورج أورويل دولة استبدادية أوقيانوسيا تحكم فيها السلطات من خلال المراقبة الجماعية والسيطرة الأيديولوجية.
وبعد عقود، وفي ظل نفس المؤامرات تقريبا التي ابتكرها أورويل لعرض تعسف وأنانية الدولة الوهمية وتم الكشف عنها كثيرا في تقارير وسائل الإعلام، يشهد العالم انكشاف أوقيانوسيا العالم الحقيقي — إنها الولايات المتحدة.
فواشنطن، التي تصور نفسها برياء على أنها منارة للحرية والديمقراطية، تستخدم بلا ضمير قوتها التكنولوجية الاحتكارية لإجراء عمليات تجسس إلكتروني ومراقبة وحتى هجمات على قائمة طويلة من الحكومات والشركات الأجنبية والأفراد الأجانب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والأعراف الأساسية العلاقات الدولية، فقط من أجل تعزيز هيمنتها في الفضاء السيبراني العالمي.
وفيما كانت عمليات المراقبة في أوقيانوسيا تهدف إلى إحكام قبضتها على دولة واحدة فقط، فإن مدى برامج التجسس الطموحة للولايات المتحدة تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها.
فمن مشروع التنصت سيئ السمعة “بريسم” وصولا إلى شركة ((كريبتو إيه جي)) التي تم الكشف عنه مؤخرا، وهي الشركة السويسرية المصنعة لأجهزة التشفير التي تملكها وتستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سرا لاعتراض المعلومات المشفرة من البلدان الأخرى، تعد أنشطة التجسس الفاضحة هذه دليلا واضحا على أن واشنطن تجعل من “إمبراطورية مخترقي الشبكات” اسما رمزيا غير مشفر لنفسها.
وذكرت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) مؤخرا أن شركة أمريكية لها علاقة بمجتمعات الدفاع والاستخبارات الأمريكية قامت بتضمين برنامج تتبع في أكثر من 500 تطبيق للهواتف المحمولة، ما يسمح للجيش الأمريكي بتتبع تحركات مئات الملايين من مستخدمي الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم.
مثل هذه التقارير التي تدور حول قيام الولايات المتحدة بالدوس على حقوق الآخرين من أجل هيمنتها في المجال السيبراني لم تكن مفاجأة بالنسبة لمعظم البلدان. فقائمة أهداف واشنطن تشمل حتى مواطنيها وحلفائها. فقد تكشف أن قادة العديد من حلفاء الولايات المتحدة وقعوا ضحية لأنشطة التجسس الإلكتروني الأمريكية، وبعضهم تم التنصت عليه لسنوات.
ولمواصلة استغلال الإنترنت في سعيها الحثيث للهيمنة العالمية، يتملك واشنطن هوسا بعسكرة الفضاء الإلكتروني وتسليح تكنولوجيات الشبكات.
ففي عام 2009، أنشأت واشنطن القيادة السيبرانية الأمريكية، والتي رفع البنتاغون مستواها إلى مرتبة قيادة قتالية موحدة في عام 2017. ووفقا للوثائق الصادرة عن ويكيليكس، ففي أوائل عام 2016، قام قسم القرصنة في وكالة الاستخبارات المركزية بتطوير أكثر من ألف من أنظمة القرصنة وأحصنة طروادة والفيروسات وغيرها من البرامج الضارة “المسلحة”.
كما تعتزم واشنطن، التي تعتبر بإصرار الصين منافسا محتملا لهيمنتها في المجال السيبراني، اتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات صينية رائدة في مجال التكنولوجيا الفائقة مثل ((هواوي)) و((تيك توك))، حيث تلعب دور الضحية وتحرك آلة التشهير في محاولة لتبرير قمعها السيراني للصين.
ووفقا لتقرير صادر عن الفريق الفني للاستجابة لحالات الطوارئ لشبكة الحاسب الوطنية في الصين/ مركز التنسيق، فإن الولايات المتحدة هي أكبر دولة مصدر للهجمات السيبرانية ضد الصين، التي تم إدراجها كهدف رئيسي من قبل برامج التجسس السيبراني المدعومة من الحكومة الأمريكية مثل “عين سورون” و”مجموعة المعادلات”.
وفي الآونة الأخيرة، أخذ بعض الساسة الأمريكيين يحثون أو يجبرون دولا أخرى على الانضمام إلى ما يسمى ببرنامج “الشبكة النظيفة” الذي يهدف إلى استبعاد الشركات الصينية من سوق الإنترنت العالمي. ولكن، خاب أمل هؤلاء الساسة الذين يهاجمون الصين، إذ لم يلق مثل هذا البرنامج الخبيث سوى استجابات قليلة من المجتمع الدولي.
لقد أدرك الناس في أنحاء العالم، الذين صُدموا من برامج التجسس السيبراني الأمريكية الملفتة، سواء التي تم أو لم يتم الكشف عنها، أدركوا تدريجيا أنها ليست الشركات الصينية، بل إنها المراقبة السيبرانية الأمريكية في كل مكان هي التي تهدد الأمن السيبراني العالمي والتطور التكنولوجي. /نهاية الخبر/