كانت النصيحة بجمل، واليوم عندي نصائح للقادة العرب وغيرهم مجانية، لا أريد عليها جَمَلاً او حَمَلاً، فالمكافأة الحقيقية ان ينفّذوا ما تريد شعوبهم.
وأبدأ بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأُكمل غداً بغيره، لأن خادم الحرمين الشريفين أدخلني شريكاً معه «نصْ بنصْ» في جائزة المليون ريال من الصديق جورج قرداحي، ثم إنني وجدت دائماً أنه الأقل خطأ بين القادة العرب، فالإنسان يعمل ويخطئ ولا أحد معصوماً.
في الغرب يتحدثون عن إرث (Legacy) للحاكم، او إنجاز يصبح سمة سنوات حكمه، والملك عبدالله قد يكون إرثه اليوم التعليم والعلوم والتكنولوجيا، او توسيع مساحة الحريات المدنية، إلا أن له عندي اقتراحاً آخر.
أقترح ان يدعو الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى قمة عربية طارئة في مكة المكرمة، بجوار الحرم النبوي الشريف، يطلب فيها من الدول العربية ان تكرر علناً ونهائياً قراراً قديماً لها، ان تقطع العلاقات الديبلوماسية مع اي بلد ينقل سفارته الى القدس، لا أكثر ولا أقل، حتى لا نَضِيع في التفاصيل والاجتهادات.
سبب هذا الاقتراح ان بعض المتنافسين على الرئاسة الاميركية، خصوصاً من الجمهوريين عملاء الارهاب الاسرائيلي، يَعِد بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب إلى القدس إذا انتُخب رئيساً، وهو يفعل للحصول على دعم مالي من لوبي اسرائيل وانصار إرهابها الآخرين.
اذا فعل الملك عبدالله هذا، فسنعرف مَن الوطني من القادة العرب، ومَن المستوطن.
عندي للملك عبدالله اقتراح آخر، من باب العشم، فهو قادر على التنفيذ ولا يجلس قرب الهاتف ينتظر الأوامر من اعداء العرب والمسلمين.
اقتراحي الثاني هو ان تعلن المملكة العربية السعودية بعد اجتماع مجلس الوزراء يومَ الإثنين، أنها اعتباراً من تاريخ محدد (نعطي مستهلكي النفط فرصة للتأقلم مع القرار) ستنتج من النفط ما يغطي حاجات الشعب السعودي والتزامات البلد للعرب والمسلمين، وأنها لن تنتج برميلاً واحداً اكثر من ذلك.
المملكة العربية السعودية ليست مضطرة إلى أن تنتج عشرة ملايين برميل في اليوم من مادة ناضبة، لأن المستهلك الاميركي او الاوروبي او الصيني جشعٌ، ويريد أن يبني اقتصاده على حسابنا. والملك يعرف ان كل برميل نفط لا ينتج يرثه الجيل المقبل من المواطنين او الذي بعده.
طبعاً هم يتحدثون عن مصادر بديلة للطاقة لتخويفنا، إلا ان هذا ما فعلوا سنة 1973 و1974، وبعد انفجار أسعار النفط سنة 1981، وما يفعلون الآن.
ما أعرف هو ان بعد مئتي سنة او نحوها على استعمال النفط، لم يستغنِ العالم عن الفحم الحجري، واستهلاكُه مستمر بمعدلاته السابقة، فعجلة الاقتصاد العالمي تعني ان الطلب على الطاقة يزداد دائماً ولا ينقص.
اقول للملك عبدالله إن قرار ربط انتاج النفط بحاجة السعودية لا أميركا او أوروبا او الصين، قرارٌ سيادي، وفي يده. والملك لو فعل، سيزيد شعبيته بين مواطنيه أضعافاً، وهي كبيرة اصلاً، وقد جنبت السعودية الاضطرابات التي عصفت بدول عربية اخرى، وأثبتت ان غالبية عظمى من المواطنين تلتف حول الحكم.
وأقترح على الملك عبدالله بدء برنامج نووي عسكري في بلاده، وتشجيع مصر وكل بلد عربي قادر على مثله، فهذا هو الطريق الوحيد لتتحرك اميركا والعالم لتجريد الشرق الاوسط، بما فيه اسرائيل وايران، من اسلحتها وبرامجها.
وأختتم مذكراً الملك عبدالله، لا مطالباً، بحقوق المرأة السعودية، فهي زادت في أيامه غير انها تبقى منقوصة، وأزعم ان الملك عبدالله نصير للمرأة، الا انه يحاول عدم الإخلال بالتوازنات في مجتمع محافظ.
الملك عبدالله اختارني شريكاً في الربح، وأنا اقترحت عليه ربحاً صافياً لإرث ملوكي
أقترح على كل زعيم عربي أن يعمل لشعبه ولا ينتظر أن يعمل الشعب له. هو خادم الشعب لا العكس، فلا يتجبر ويتكبر وتأخذه العزة بالإثم، ويندم ولات ساعة مندم.
وهكذا أقترح على الرئيس محمود عباس ألا يفاوض اسرائيل لأن المفاوضات مع حكومة مجرم الحرب بنيامين نتانياهو لن تؤدي الى سلام، وأن يذهب الى الجمعية العامة للتصويت على دولة فلسطين. وأن يرفض الإغراءات الاميركية أو التهديد، لأن نتيجتها جميعاً لن تؤدي الى وضع أسوأ مما هي الحال الآن.
أقترح على أخينا أبو مازن وقفة عز فهو لن يخسر شيئاً لأن ليس عنده ما يخسره، ثم لا أحرض على إنتفاضة ثالثة، وإنما أدعوه ألا يقاومها لأن الفشل السياسي سيطلقها وسيندم اليمين الاسرائيلي على تفويت فرصة أخرى للسلام.
عندي إقتراح للاسرائيليين إلا أنني قطعت على نفسي عهداً ألا أحدثهم مباشرة ولو قام السلام، بسبب جرائم حكومات اليمين المستمرة، لذلك أعرض إقتراحي على الوسيط الاميركي، وهو اسرائيلي بإسم آخر، لينقله الى «الديموقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط، فهي فعلاً ديموقراطية مع الفلسطينيين لأنها تسرق بيوتهم وتدمر ما لا تسرق وتقتل وتجرح من دون أي تفريق بين فلسطيني وآخر، فالعالم كله، لا أهل فلسطين وحدهم، يجب أن يكونوا خادماً لليهود في رأي حاخامات اليمين.
أقترح على الاميركيين أن يذكّروا الحليفة أنها قوية الآن إلا أنها ليست قوية الى الأبد، والإرهاب التالي سيكون بسلاح نووي، وستلقى اسرائيل مصير «مسعدة» في الخرافة التوراتية التي لا أساس صحيحاً لها في التاريخ.
الحل مع الفلسطينيين يفيد اسرائيل أولاً وأخيراً لأنه يترك لها ثلاثة أرباع فلسطين ويبعد عنها شبح الأتون النووي.
ومن الوطن السليب الى أم الدنيا مصر، أو حبي العربي الأول، فكل الأخبار منها مقلق أو محزن، والأمن القمعي الذي ثار عليه الشباب أصبح مطلب الناس بعد الفلتان الأمني والبلطجة في وضح النهار وتجاوزات المتطرفين.
هل يعقل أن تظاهرة لأسر الشهداء تنتهي بمواجهات واسعة النطاق ورصاص وإضافة شهداء جدد الى الموكب؟ وهل يجوز أن الانجاز الأهم، وربما الوحيد، لحكومة أحمد نظيف، في وضع الاقتصاد المصري على طريق العصر والرخاء يُدمَّر بدل الاكتفاء بمكافحة الفساد الهائل؟
أقترح على المشير طنطاوي والمجلس العسكري الحاكم أن يجتمع مع قادة شباب الثورة، وأن يقول لهم أن الفلتان الأمني لا يمكن أن يستمر، ثم يذكّرهم بأن الحكومة والوزراء جميعاً جاؤوا عن طريقهم، والمنطق يقول أن يترك الحكم للحكومة، وأن يبحث الشباب عن عمل منتج.
أقترح على المشير، وهو قادر، أن يطلب تأييد الشعب، ولكن، أن يقدم هيبة الحكم على المودة والمحبة، وله مني الدعم اذا لم يرعوِ المخربون والجهلة فإعلان الأحكام العرفية من جديد، وفرض منع التجول حيث الحاجة.
لا أريد ظلماً، ولكن، أصدق المثل اللبناني «الظلم أهون عاقبة من رخاوة الحكم».
وأختتم بالبحرين، وأقترح على جماعة الوفاق أن يعيدوا النظر في مواقفهم منذ إنفجار الأحداث الأخيرة في البلاد، وأن يبتعدوا عن المتطرفين عملاء ايران، فهم وهي يدمرون مصالح شيعة البحرين، وأن يستمروا في المفاوضات المباشرة مع ولي العهد الأمير سلمان بن حمد لتحقيق إصلاحات قلت دائماً أنها محقة، فاعتراضي هو على محاولة إنقلاب مستحيلة لأنها ضد ست دول لا دولة واحدة.
أقول للإخوان في جماعة الوفاق ما يعرف كل واحد منهم: إذا شئت أن تطاع فسل المستطاع، وثقتي كاملة بحكمة الغالبية، وبصدق الملك حمد بن عيسى وهو يقول لي ولغيري أنه مستعد لمقابلة المعارضة في منتصف الطريق.
هذه إقتراحاتي أمس واليوم، والدّيْن ممنوع، والعتب مرفوع، والرزق على الله
نقلا عن الحياة السعودية