الدكتور حمزة السالم، الزميل والباحث المعروف، اشتهر جهده البحثي، الذي قرأت معظمه في مقالاته في صحيفة «الجزيرة» حول قضية مهمة يصعب فهمها عند الرأي العام لأنها اقتصادية أولاً، وثانياً لأنها محاطة بسياج اجتماعي يحذّر من التورط بالخوض فيها، أما العارفون بها فإنهم يقولون كما قالوا للدكتور حمزة السالم «دع الطابق مستوراً».
هذه القضية هي مفهوم الربا في العملة النقدية الورقية، وفي الفوائد البنكية خصوصاً. وقد نشر الزميل السالم مقالات مطولة جديرة بالقراءة والتفكر لمن أراد التوسع، يقول فيها إن قيمة النقود الورقية قيمة اعتبارية وليست قيمة حقيقية، بمعنى أن هذه الأوراق لن تكون لها قيمة بعد مئة عام، مثلما زالت قيمة الفلس المسكوك في الأزمان البائدة، التي كانت قيمتها من وجود ختم السلطان عليها، بينما قيمة النقود الذهبية لا تتغيّر. ويقول رأي الجمهور القدماء قديماً وحديثاً إن النقود ليست محلاً لجريان الربا، فلا بأس أن أتمول ريالاً وأعيده ريالين بعد مدة من الزمن، كما قال ابن السعدي الشيخ برأي جمهور العلماء في الفلوس هو عدم جريان ربا الفضل ولا ربا النسيئة، أي المؤجل كما يجوز الفلس بفلسين والثلاثة مع الأجل، ويستشهد حمزة السالم في بحثه بقول ابن تيمية حين لم يجر الربا على حلي الذهب والفضة لأنها لم تعد ثمناً، وبالنووي حين قال إذا راجت الفلوس روج النقود لم يحرم الربا فيها وعدم اختيار الربا، وكذلك الأمر عند الأحناف، ويقول السالم: «ومن قال بربوية النقود هم قول شاذ في المذهب الشافعي كما ذكره النووي، لكن من حرّم الربا لم يحرّمه لاتباع قول شاذ في الشافعية، بل لاتباع سياسة شرعية تدخل تحت المصالح المرسلة، وأن معظم من حرّم الربا في النقود حرّمه من باب سد الذرائع والأحوط والمصالح المرسلة... إلخ من السياسة الشرعية.
يرى السالم أن هذا الإجراء أضر بمصالح الناس، بمصلحة الأغنياء بإلزامهم بإعطاء أموالهم ناقصة القيمة، وظلموا الفقراء بأن منعوهم من الحصول على الأموال ليستثمروها، وظلموا مجتمعاتهم بتفسيقها وتظليلها، وحكروا المشاريع في يد القليل منهم، فعطّلوا الاقتصاد وتفشى الفقر فيهم، وأرهقوا الناس بقروض استهلاكية أسموها بأسماء غريبة وشكروا منظريها».
سؤالي هو: لماذا يترك باحث يسخّر وقته لفهم هذه المسألة في قضية مهمة في اقتصادنا وحيداً من دون دعم ومساندة؟ ولماذا تلتزم مؤسسات وهيئات النقد والمال الحكومية والخاصة بالصمت، وتجنب إثارة هذا الموضوع وتصحيحه، بما ينطوي على الفائدة العامة؟ ولماذا يفضّل بعض مشايخ الدين ممن يعرف هذه الحقيقة الصمت عنها، وهو يعرف فداحة كتم شهادة؟
سمعت أن شيخاً زار رئيس مؤسسة النقد، واستمع لشرح مطول عن الدورة الاقتصادية للأوراق النقدية، وفهم أن لا علاقة لدورتها بالربا، لكنه قال إنه لا يستطيع مواجهة الجمهور بما وصل إليه، الشيخ يخاف من الجمهور، ولا يرى بأساً في التخلي عن مسؤولية الأمانة، فمن المستفيد يا ترى من هذا الصمت حول قضية يعرف نصف علمائنا أنها غير دقيقة، والنصف الآخر يعتبر أن البحث فيها من المحرمات؟
نقلا عن الحياة السعودية
التعليقات 1
1 pings
04/08/2011 في 2:44 ص[3] رابط التعليق
اشياء كثيرة تستوجب ترك ا لغطاء مستور منها تحليل كشف الوجه والظهور بالمكياج (يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم)