الوكالات الفنية في هذه المنطقة تُشبه إلى حد كبير التجمع القومسيونجي (الدلالة)، فلديها الجاهز من الكلمات الغنائية التي تناسب ذوق الزبون. لا أعلم حقيقة ما قيل، لكنني سمعتُ أن موريتانيا تُسمى بلد المليون شاعر. وإن كانت كذلك فلا بد أن نأتي بعدها مُباشرة ، لأن عندنا ثلاثة أنواع من الشعر، الفصيح والعامي (النبطي) وآخر اسمه الشعر الغنائي. والأخير يكثر لأن قائله واثق بأن المغنين لن يخيبوا أمله إذا عرضهُ عليهم، وهو أيضا لن يُخيّب أملهم إذا راجت الأغنية. وربما استطعنا الوصول إلى بلد الألف شاعر غنائي.
لا يختلف اثنان على حقيقة كون الشعر الغنائي أدبا وإبداعا، بحيث أضحى كل منهم عاكسا للحقب الزمنية المختلفة وشاهدا على مراحلها المتوالية، سواء كانت تلك الأحداث عاصفة، أو تتصف بالهدوء والاتزان. والأدب والفن هما نتاج النخب المثقفة الواعية، وعادة تكون هذه النخب مدركة لحقيقة ضرورة التعبير عن الواقع.
فعهد بيرم ورامي كان المقهى هو صالة ذلك الزمن. وزمننا هذا انقسم إلى ظاهرة الأمسيات وشركات الفن، فما دام الشاعر الغنائي حاضرا هنا وبارزا هناك فالذائقة تأتي لاحقا.
بأسلوب يختلف عن المتداول أو الهامشي والذي لا يرقى إلى ولوج جوهر الحدث، في حين تكون للمتداول السهل، القدرة على صياغة أو ابتداع نسق توثيقي مشوش وهزيل يفتقر إلى الروح الجمالية الواجب حضورها من اجل إغناء التعبير عن ذلك الواقع واكتسابه صفته الإبداعية.
استعذبنا في الحاضر الكلمة في الأغاني. وسمعتُ أغنية سعودية تقول: مرحبا بك يا هلا.
ولولا أن كلمة "هللو" الإنجليزية، التي ارتبطت بتحية الحديث عبر الهاتف، دخلت إلى اللغة الإنجليزية حوالي 1588م، لقلتُ إنهم سرقوها منا.. !! فالكلمة تُستعمل أيضا كتحية، فهم الآن يهزون الرأس ويصحبون الهزة بكلمة "هللو"
كذلك راجت أغنية عراقية تقول: هلو بيك هلا.
تمادينا قليلا فأطلق البعض منا اسم "هلا" على المولودة. والذين تضللوا أو "توهّقوا" فقد يستطيعون تغيير اسم الفتاة إلى "حلا" أو "هالة".
نقلا عن الرياض