بارك لك عزيزي وصديقي المسؤول هذا المسؤوليّة وأدعو الله لك أن تترك هذا (المكان) الموقت وقد منحك الله منه (المكانة) الدائمة. ولأنك الصديق الحبيب فمن واجبي عوضاً عن الوليمة التي لن تنفعك أن أهديك هدايا هي أثمن ما عندي لك. هذه الهدايا جلبتها لك من مخزون الحياة ملخّصاً لك فيها (عشرة عناصر) للفشل في الإدارة وأرجو الله ألا تطرق بابك ولا قراراتك فتفضل مشكوراً بقبولها:
أولا: تجنّب تفضيل أهل الثقة من الأصحاب والأحباب على أهل الخبرة والعلم. نعم قد تجد في أهل الثقة مخلصين مبدعين ولكنهم أتوا من باب غير باب الكفاءة. ومن أتاك من باب الثقة فسيسحبها حينما تهتز أركانها. أما من اخترته تحت منهج "القوي الأمين" ففي قوته خير وفي أمانته حصانه.
ثانيا: لا تستعجل بالمبادرة بتغيير مسؤولي الصف الأول والثاني دون رؤية. واعلم أن الخبرات التراكميّة والطمأنينة الإداريّة تهتز باهتزاز الهرم الإداري. وقبل التغيير والتبديل عليك أن تمنح الثقة وتكتسبها ثم تعدّل المسار وفق رؤيتك الصائبة التي من أجلها تم اختيارك من بين كلّ الناس للمهمة الكبيرة.
ثالثا: احذر من الظن المبيّت في المسؤول الذي كان قبلك وأنّه لم يعمل شيئاً وأن عليك أن تبدأ من جديد. سيأتيك متنافسون وصيّادون يزيّنون لك كل ظن سيئ فيشغلونك عن مهمتك وتركيزك بتصفية حسابات لم تكن طرفاً فيها.
رابعاً: تهرّب من إغراء الضجيج عبر وسائل الإعلام حتى لا تنشغل عن أمانة وواجب إنجاز الأعمال. واعلم – رعاك الله-أن الأعمال المنجزة ستكون لسان صدق يحكي عنك ومرآة عاكسة لكل إنجازاتك. ولعلّك تعلم يا صديقي أن ضوء وسائل الإعلام الكثيف مثل أشعة الشمس المركزة إما أن تحرق جلدك أو تعرّي مناطق الظلام من حولك قبل أن تكتشفها.
خامساً: لا تعتقد أن ولاء الموظفين والأتباع المتزلّفين وابتساماتهم ترتبط بشخصك واسمك. ولا تظنّن أن كل من يمدحك ويطري ذكاءك صادق أمين في مدحه. هؤلاء امتدحوا من كان قبلك ولديهم المخزون الكافي لإطراء من بعدك. أنت هنا وغداً هناك .. هكذا هي لعبة الكراسي الدوّارة.
سادساً: اعلم أن الهدايا والعطايا المجانيّة التي تأتيك اليوم دون طلب سيكون لمذاقها إدمان ولثمنها مبدأ تنساه وحينما يصبح الإدمان عادة فعليك أن تودّع السعادة.
سابعاً: انتبه لمزالق استحضار المصلحة الشخصيّة في تبرير قراراتك باسم المنفعة العامة. وما أسهل تمييز القرار الرشيد بسؤال: من المستفيد؟
ثامناً: لا تطمئن لقدرتك على الاستقواء بزهو سلطة الحاضر فتنسى دورك ومهمتك. واعلم أنك هنا للخدمة وان الناس الذين ينتظرونك على الأبواب ليسوا "عبئاً" بل أصحاب "حق".
تاسعاً: لا تعتقد أن المطأطئين الصامتين اليوم لا يملكون أصواتاً ستعلو يوماً ما. واعلم -يا صديقي- أن الصامتين نوعان: (راغب) فيما عندك، أو (راهب) من سطوتك فلا ترهن نفسك بين طمّاع وخائف فسرعان ما ينقلب الطامع ويطمئن الخائف.
عاشراً: احذر -يا صديقي- من قبل ومن بعد أن تغفل عن "رأس الحكمة" في عملك وقولك.. والله يتولّاك بعونه.
نقلا عن الرياض