من لا يعرف الإرهاب وحقيقته عليه أن يتعلم أن الإرهاب لا يعرف لغة سوى لغة التدمير والقتل من أجل تحقيق أهدافه، قبل عقدين من الزمان نفذت مجموعات إرهابية أولى هجمات الإرهاب التي خلفت التدمير والقتل ضد الوطن والمجتمع، لقد كانت الصدمة كبيرة فقد كانت هذه المجموعات قد تلقت تدريباتها في الخارج من أجل تنفيذ مثل هذه الأعمال الإرهابية، لقد كان السؤال الأول مع هذه العمليات يقول لماذا يستهدف هذا المجتمع ولصالح من يتم التدمير والقتل في أرض هذا الوطن ومن يسعى خلف ذلك من دول وجماعات..؟
لم يتوقف الإرهاب عند عملية عام 1995م بل كانت بداية لسلسة عمليات حدثت في مواقع كثيرة من الوطن، ومع كل أسف انها كلها جميعاً تخلّف شهداء من المواطنين وغير المواطنين بالإضافة إلى عدد كبير من رجال الأمن، لقد تلقى المجتمع الألم وفقدت الكثير من الأسر آباءهم أو بنائهم أو أقاربهم ممن كانوا ضحايا لهذه العمليات القذرة التي كانت تستهدف الوطن ، لقد كان الألم قاسياً ومؤثراً فالإرهاب يمتد إلى المجتمع ويحصد ضحايا كثيرة لا ذنب لهم، ولم يكن ذلك هدف الإرهاب فقد كان القتل نتيجة فقط لخطط هدفها نشر الفوضى في هذا المجتمع وتحويلة إلى مسرح من الصراعات الفكرية والطائفية.
الجميع عرف تاريخ هذا الإرهاب لأننا جميعاً نحن والوطن قد عانينا وتألمنا كثيراً، لقد كان المجتمع أكثر إصراراً من الدولة في ضرورة تنفيذ شرع الله في هذه الفئة الضالة المنحرفة عن الدين، وفي ذات الوقت كانت الدولة تتعامل مع الموقف بكل حكمة وعقل، فكثير من أبناء المجتمع كانو أيضاً ضحية التضليل الذي مارسته جماعات الإرهاب لأن الإرهاب أراد أن يؤذينا عبر أبنائنا وطوائفنا المتجانسة فكانوا مطية لهذا الفكر الإرهابي.
لقد عملت السعودية خلال مايقارب الثلاثة عقود من خلال أجهزتها الأمنية على تقييم شامل للموقف من هذه الظاهرة الإرهابية، فقد كان الموقف معقداً لأن هذه الفئات تستخدم أهم مقومات المجتمع ألا وهو الدين من أجل الخداع وتضليل الشباب والعالم، لقد حازت السعودية من خلال أجهزتها الأمنية على تقدير العالم أجمع في حربها على الإرهاب ونجح الأمن السعودي في القضاء على الكثير من العمليات الإرهابية سواء في داخل الممكلة أو تلك التي ساهمت السعودية بفضل مهنيتها الأمنية في كشفها للكثير من دول العالم.
لقد كان الإرهاب ولا زال تحدياً كبيراً يواجه السعودية عبر التاريخ إلا أن السعودية استطاعت أن تبني استراتيجية فعالة بجانبين مهمين؛ أمني وفكري، ومع أن الإرهاب لم يقتصر في السعودية على طائفة بعينها فقد كان قادة الإرهاب والمحرضون موجودين في جميع الطوائف من سنة وشيعة، ومع كل أسف فقد كانت قيادات الإرهاب ومحرضوه في كل الطوائف تجتمع تحت مهمة واحدة ألا وهي إثارة الفتنة والقلاقل في الوطن من أجل تحقيق أهداف مضطربة كانت تخدم جماعات ودولاً بعينها من أجل إثارة الفتنة في السعودية وهذا ما تصدت له الدولة بكل حزم وقوة.
لقد كشف لنا تاريخ الإرهاب الذي شهدنا آثاره في هذا الوطن أن هدف هذه الجماعات وهذه الدول المعادية لنا والتي أثبت العالم كله أنها راعية للإرهاب هو المساس بسيادة الوطن والتدخل في شؤونه بشكل علني من خلال دعم تلك الجماعات الإرهابية واستخدام الطائفية وتحريض قادتها وأعضائها على بث الفرقة والشتات في المجتمع، ومع كل تلك الأدلة التي تثبت تورط دول وجماعات معادية للوطن في الكثير من الأعمال الإرهابية إلا أن السعودية ومن منطلق سياستها التاريخية في التعاطى مع المواقف باعتدال فقد كانت حازمة في تحذير تلك الدول والجماعات من التمادي في أعمالها الداعمة للإرهاب.
اليوم وبعد عقود من مواجهة الإرهاب في كل أطرافة ومصادره تصل الدولة ومن منطلق تطبيقها للشريعة إلى قرارات حاسمة تم بناؤها ليس وفق مواقف ذاتية تخص الدولة أو مواقف طائفية بل وفق الأسس التشريعية التي قام عليها نظام الحكم في السعودية، إن تنفيذ حكم القتل في مجموعات إرهابية جاء من خلال محاكمات عادلة لهذه الفئات التي تلطخت أيديها بدماء الأبرياء من المواطنين وغيرهم.
الحرب على الإرهاب واجب الدولة والمجتمع وكل من يعيش على هذه الأرض السعودية، فالقرار يأتي من دولة تستند في أحكامها على شريعة إسلامية سنها الخالق سبحانه وتعالي وليست قوانين مبتكرة، فالقاتل لابد وأن ينال جزاءه لأن حقوق البشر فيمن قَتل ذويهم أو ساهم في ذلك لا يمكن نسيانها أو تركها والدول في كل أنحاء العالم لابد وأن تطبق أحكامها في مثل هذه القضايا، السعودية وهي دولة إسلامية مركزية في العالم الإسلامي وذات سيادة مستقلة ومسؤولة عن شعب بأكملة لذك هي تساهم اليوم عبر هذا القرار في ترسيخ مكانتها وأنها دولة تضع ميزان الشريعة التي تتخذها منهجاً أمام الجميع دون استثناء.
المجتمع السعودي يفخر هذا اليوم بوطنه وقيادته فهم يساهمون في حمايته من براثن هذه الجماعات الإرهابية دون تمييز بمرجعيتها سواء كانت مجموعات سنية أو شيعية من خلال تطبيق شرع الله، فالمجتمع لن يسمح لأي إنسان أو دولة أو جماعة في الدفاع عن هذه الجماعات الإرهابية التي ملأت المجتمع بالأسلحة والمتفجرات والمخدرات والشعارات والخطب التحريضية بهدف تدمير المجتمع وليس حفظ حقوقه، لقد كانت لغة التحريض عالية ومهدرة للدماء لذلك لابد وأن يكون الرد رادعاً كما هو هذا القرار التاريخي.
إن قرار الحكومة السعودية اليوم قرار تاريخي طال انتظاره من المجتمع بل هو حق كان لابد من تأديته للمجتمع، لأن من فقد أحداً جراء هذه العمليات الإرهابية التي حدثت في المجتمع لن تنام له عين قبل أن تسهم الحكومة في تطبيق شرع الله في حق كل متسبب بقتل الأبرياء من المواطنين أو من غير المواطنين أو من رجال الأمن.
السعودية التي من حقها أن تحافظ على كيان الدولة من خلال حفظ الأمن في هذا الكيان لن ترضخ لتلك الأصوات التي لا ترى في الإرهاب سوى ما تريد، تحت مفاهيم الحقوق الفردية وغيرها، فهذه الأصوات لم تسمح لنفسها لترى كيف خلف هؤلاء من خلال تحريضهم من عمليات قتل لأبرياء ليس لهم ذنب بل كانوا ضحية عمليات تخريبية.
إن التاريخ اليوم سوف يكتب للجميع أن المجتمع السعودي وقيادته وحكومته لن يتأخروا يوماً عن محاربة كل مفسد سواء من خلال الإرهاب أو غيره، فالمجتمعات والدول لا تبنى إلا بسيادة وقانون يحمي أطرافها، فما بالك أن يكون هذا القانون هو شرع الله الذي يطالب فيه كل فرد في المجتمع وإذا كان القانون شرعاً من الله فمن له القدرة على أن يعترض.
نقلا عن الرياض
Hussah111@gmail.com